إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2016/11/02

Rating of Iraqi State-Owned Insurance Companies


هل هناك مشروع حقيقي لتصنيف شركات التأمين العامة في العراق؟
 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/01/

 

(1)

 

أثناء البحث عن بعض المعلومات الخاصة بسوق التأمين العراقي وقع نظري مؤخراً على صفحة "الإيفادات الرسمية لعام 2016" في الموقع الإلكتروني لوزارة المالية.  وتضم هذه الصفحة جدولاً بالإيفادات وفيها معلومات عن أسماء الموفدين، دوائرهم، الأمر الصادر لإيفادهم، مدة الإيفاد، الجهة التي تتحمل نفقات الإيفاد، الغرض من الإيفاد.

 

وقرأت فيها أن وفداً ضم المدراء العامون لشركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية وشركة إعادة التأمين العراقية وممثلاً عن وزارة المالية، عُيّنَ مؤخراً عضواً في مجلس إدارة شركة التأمين الوطنية، يزور دبي في أوائل آب 2016 للتباحث في موضوع تصنيف الشركات الثلاث. [1]

 

سررت باطلاعي على هذا الجدول لأنه يدل على درجة من الشفافية في مجال إيفادات مدراء وكبار موظفي الوزارات والشركات العامة.  ويمكن من خلال هذه الجداول تتبع إيفادات أشخاص معينين ومعلومات أخرى عن إيفادهم.  في ذات الوقت، وفيما يخص شركات التأمين العامة[2] تحديداً، فإنها ملزمة باستحصال الموافقات الأصولية من وزارة المالية قبل أن تستطيع إرسال موفديها إلى الخارج رغم أنها شركات تمويل ذاتي تسدد نسبة من أرباحها إلى خزينة الدولة لكنها لا تستطيع البتَّ، لوحدها وباستقلالية، على إيفاد موظفيها إلى الخارج.  وهذه مسألة بيروقراطية موروثة مُكلفة وفيها تبذير للموارد.  لعل الشركات المعنية تقوم بمعالجة هذا الموضوع مع الجهات المعنية في الدولة بما يكفل حريتها في اتخاذ قراراتها ومنها المتعلقة بسفر موظفيها بدون الموافقة المسبقة لوزارة المالية.

 

 

 

(2)

 

ما يهمني من الخانات العديدة في جدول الإيفادات تلك المتعلقة بغرض الإيفاد: المناقشة أو التفاوض مع شركات التصنيف المتخصصة.  أول سؤال يخطر بالبال في هذا الشأن هو اختيار شركات التصنيف في دبي، وهي ليست شركات عربية[3] بل فروع لشركات غربية، أمريكية تحديداً، وليس الشركات الأم في الولايات المتحدة أو بريطانيا.  ومن المعروف أن أهم الشركات المتخصصة في هذا المجال هي: Standard and Poor’s, A. M. Best, Moody’s, Fitch وتعتبر ستاندرد أند بورز وأي إم بيست الأكثر شيوعاً بين شركات التأمين.  ربما اختارت شركات التأمين العامة الثلاث دبي لقربها من العراق، أو توفر تسهيلات باللغة العربية، أو سعر تنافسي لتقديم خدمة التصنيف.

 

ليس معروفاً إن قامت كل شركة، قبل الإيفاد، بمخاطبة واحدة أو أكثر من شركات التصنيف في دُبي، أم انها قامت بالتنسيق فيما بينها لتعرض طلبها على شركات التصنيف كمجموعة بهدف الحصول على سعر تنافسي أفضل.[4]  وليس معروفاً إن قامت بالاستئناس برأي مستشارها في لندن أو مجموعة وسطاء إعادة التأمين لتقديم بعض المعلومات الأولية بشأن التصنيف.

 

ليس معروفاً أيضاً لماذا ومتى شرعت الشركات الثلاث بالتفكير للحصول على درجة تصنيف من شركة/شركات متخصصة في هذا المجال.[5]  هل أن الدافع له كان ذاتياً، أو بتوجيه من مكتب الخبراء في وزارة المالية، أو ربما تماشياً مع توصيات مؤسسات مالية عالمية، صندوق النقد الدولي مثلاً.

 

ترى هل أن الشركات الثلاث مرتاحة للتصنيف الائتماني للعراق أو ترى أن هذا التصنيف جيد (رغم التضارب بشأنه من قبل شركات التصنيف) وهذا هو الوقت المناسب للحصول على تصنيف لها أيضاً، إذ أن التصنيف الائتماني للبلد يُؤخذ بنظر الاعتبار عند تصنيف شركات التأمين، إضافة إلى عوامل أخرى كأهلية الإدارة، والبيانات المالية للشركات وغيرها من معايير التصنيف التي تتبعها شركات التصنيف.

 

لعل هذا وغيره سيكون مثبتاً في تقرير الوفد لوزارة المالية حول مفاوضاتها مع شركة/شركات التصنيف في دبي.

 

(3)

 

إن شروع شركات التأمين العامة الثلاث في الحصول على تصنيف لها من شركة/شركات متخصصة أمر محمود ومطلوب، ومتى ما حصلت على التصنيف، إن كانت درجة التصنيف جيدة، فإن ذلك سيعزز من مكانتها في سوق التأمين العراقي وفي ذات الوقت يقوي من قيمتها ومن مركزها التفاوضي مع شركات إعادة التأمين الدولية.  ومن الآثار الأخرى للتصنيف هو دفع شركات التأمين الخاصة نحو التفكير بالحصول على تصنيف لها، ذلك لأن التصنيف الجيد هو أحد أدوات التسويق، كما أن درجة التصنيف الجيدة تبعث على اطمئنان المؤمن لهم الحاليين على المكانة المالية لشركات التأمين وقدرتها على تسديد المطالبات بالتعويض وتشجع طالبي التأمين المرتقبين لإجراء تأميناتهم معها.

 

وبغض النظر عن الموقف المؤيد أو المشكك في أهمية التصنيف فإنه صار من لوازم العمل في الأسواق المتقدمة وحتى في بعض أسواق التأمين العربية.  وحتى أن بعض شركات التأمين تلجأ إلى الحصول على درجة تصنيف من شركتين متخصصتين ليس من باب المباهاة ولكن لاختلاف درجة التصنيف بينهما والمعايير المستخدمة في تقدير التصنيف، وتأثير ذلك على موقف المؤمن لهم.  فمن المعروف أن تخفيض درجة تصنيف شركة التأمين يؤثر على قدراتها في الحصول على أعمال جديدة أو الاحتفاظ بالأعمال التي اكتتبت بها.

 

أتطلع إلى الوقوف على خلفيات موضوع التصنيف، ونتائج المباحثات في دبي، إن كان ذلك ممكناً.  أتمنى على من له معرفة بالموضوع الكتابة عنه لأنه جديد على قطاع التأمين العراقي، ولعل الشركات الثلاث تُقدم على بيان موقفها لتعريف ممارسي التأمين في العراق به وكذلك جمهور المؤمن لهم وخاصة الشركات.

 

1 تشرين الثاني/نوفمبر 2016



[1] www.mof.gov.iq/pages/ar/efaad.aspx قد يلاقي القارئ بعض الصعوبة في فتح الجدول بأكمله، كما حصل معي، إذ أنه انفتح في محاولتي الأولى واقتصر الفتح فيما بعد على إيفادات شهر كانون الثاني 2016 مما فوّتَ عليَّ استعادة المعلومات التي أرغب بها ومنها مدة الإيفاد.
 
[2] عندما نستعمل عبارة "شركات التأمين العامة" فإننا، من باب الاختصار، نعني بها التأمين الوطنية والتأمين العراقية والإعادة العراقية.
[3] ليست هناك شركات عربية متخصصة بالتصنيف سوى شركة الخبير الإكتواري اللبناني إبراهيم مهنا: شركة أ. أ. مهنا وشركاه (أكتواريين وإستشاريين) i. e. Muhanna & Co Actuaries & Consultants
[4] عرضت مسودة هذه المقالة على مدراء الشركات الثلاث للاطلاع عليها وإعلامي بأية ملاحظات بشأنها.  وقد وردني توضيح من المدير العام وكالة لشركة التأمين العراقية، الآنسة هيفاء شمعون عيسى، بعد قراءة مسودة المقالة، بأن الشركات الثلاث اعتمدت شركة أي إم بست لتصنيفها.
[5] في مقالة لي بعنوان "مهام جديدة-قديمة أمام شركة إعادة التأمين العراقية" ذكرت بأن هناك العديد من الموضوعات المطروحة على الإعادة العراقية ومن بينها "الإعداد للحصول على تصنيف rating classification من قبل إحدى شركات التصنيف المتخصصة."  المقالة منشورة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ومرصد التأمين العراقي ومجلة التأمين العراقي
 

ليست هناك تعليقات: