إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2016/11/11

Jews & Insurance Activity in Iraq: insurance in the memory of Ezra Hakkak


اليهود والنشاط التأميني في العراق:
التأمين في ذاكرة عزرا حكّاك

 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت هذه الورقة أصلاً في هذا الموقع:

https://www.academia.edu/29799768/Jews_and_Insurance_Activity_in_Iraq_-_What_Ezra_Hakkak_Remembers.pdf

 

 

كتبتُ هذه المقالة بمساعدة من السيدين عزرا حكاك وأميل كوهين، فلهما أجزل الشكر.

 

 

[1]

 

ليست هناك دراسات مخطوطة أو منشورة عن دور اليهود في تاريخ التأمين العراقي،[1] وحتى الإشارات القليلة التي ترد عرضاً في بعض المقالات والكتب عن يهود العراق فإنها فقيرة في محتواها لأنها لم تكتب من منظور تأميني؛ ومع ذلك، تحتفظ هذه الإشارات على قلتها بأهميتها.[2]

وقد كتبت مقالة عن الموضوع اعتمدت فيها على ما توفر لي من معلومات.[3]  وكان صديقي أميل كوهين قد أبدى اهتماماً بالموضوع، كما أشرتُ إلى ذلك في مقالتي.  وقام مؤخراً بترتيب لقاء لي مع السيد عزرا حكاك (من مواليد بغداد 1929) الذي كان لوالده وكالة تأمين في بغداد: شركة عزرا مير حكاك وأولاده. [4]

 

وللاستفادة القصوى من هذا اللقاء وضعتُ قائمة طويلة من الأسئلة المتفرقة (66 سؤال) لتحفيز ذاكرة السيد عزرا حكاك لتنوير جوانب من دور اليهود العراقيين في مجال التأمين وتوثيقها لأغراض البحث.  وكان أملي أن توفّر هذه الأسئلة الفرصة لإثارة المزيد من الأسئلة معه والتوسع في الحديث وكذلك التوسع في مضمون مقالتي السابقة.

 

وقد التقينا فعلاً بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2016 في مطعم معجنات غرب لندن.  وكان لقاءً ودياً حميماً وفيه بعض الشجون.  كان السيد عزرا حكاك متواضعاً وصريحاً في إجاباته، ولكنه كان مُقلاً أيضاً لأنه لم يمارس النشاط التأميني في وكالة أبيه.

 

[2]

 

ولد عزرا في بغداد ودرس في يفاعته في طهران في مدرسة يديرها الآباء اليسوعيين فقد كانت لشركة عزرا مير حكاك وأولاده شركة مستقلة في شارع لالزار Lalezar في سراي أمير (خان أمير) في العاصمة الإيرانية في ثلاثينيات القرن الماضي (أنظر الصور في آخر المقالة).  ويقول عزرا إن هذه الشركة عندما بدأت العمل كانت تركز على استيراد وبيع الأسطوانات وأجهزة الـﮔرامافون، ثم توسعت لتشمل سلعاً أخرى.  لكنه لا يعرف إن كانت الشركة تمارس نشاطاً تأمينياً لوحدها أو بالتعاون مع الشركة في بغداد.

 

يقول بأنه بدأ العمل وكان عمره سبعة عشر عاماً عندما وظفه أبوه للعمل في شعبة تجارة المفرّق في شركة والده في خان الزرور،[5] لكي يتعلم المهارات الأساسية للعمل التجاري.  ويذكر بأن العاملين في الخان كانوا يُجلّونه وينادونه باسم عزرا أفندي لكونه ابن مير حكاك.  وتركّز عمله في البدء (تدريبه) على البلانجو (مسك الدفاتر الحسابية).  ويقول بأن مسك الدفاتر كان يعتبر أساسياً للعمل في الشركات التجارية، ولذلك كان هناك إقبال كبير على تعلم أصوله وخاصة من قبل الشباب اليهود وبتوجيه من آبائهم؛ وهو ما حصل له.  إن ما كان يدفع اليهود للعمل في مجال التأمين، وفي مجالات تجارية أخرى، هو الانحسار المستمر لفرص العمل في مؤسسات الدولة والقطاع العام.[6]  لذلك كان اكتساب المهارات العملية أو الشهادة المدرسية والجامعية مسألة مهمة للأسر اليهودية.

 

تخصصت شركة عزرا مير حكاك وأولاده في تجارة الجلود أساساً، ونشطت في استيراد مكائن الخياطة، والدراجات الهوائية، وأجهزة الـﮔرامافون والخزائن الحديدية steel safes.  ويذكر عزرا ان تقليد الزواج في الماضي كان يقضي تقديم ماكينة خياطة كهدية للعروس، وان الشركة كانت المجهز الرئيسي لهذه المكائن إذ أنها كانت وقتها المستورد والموزع الرئيسي لهذه المكائن.

 

بدأت الشركة العمل، كما يقول، في الخانات، وتمَّ فتح أول دكان لها في باب الأغا في شارع الرشيد، ثم تحوَّل إلى محل قريب من جسر مود.

 

[3]

 

كان التأمين يشكّل جزءاً من نشاط الشركة.  وكان عدد العاملين في الشركة في بغداد 15 شخصاً، وكلهم من اليهود)، ويعمل أربعة منهم في وكالة التأمين بإدارة صالح شماش وأنور بيخور.  لم يكن بين العاملين أي امرأة[7] إذ أن التقاليد ما كانت تسمح للمرأة بالعمل، خارج البيت، في الشركات ولكن الأحوال تبدلت نسبياً فيما بعد.  ولم يعمل في الشركة موظفون من جنسيات أجنبية.  كانت معرفة العاملين باللغة الإنجليزية جيدة، وكانت مطلوبة لأن وثائق التأمين كانت تصدر باللغة الإنجليزية.  لم يعمل عزرا في وكالة التأمين لكنه كان على علم بها وإجراءاتها والعاملين فيها بفضل الاحتكاك بين الموظفين.

 

بسبب خصوصية العمل التأميني كانت وكالة التأمين مستقلة عن بقية الشركة ولها مكتب خاص بها في مقر الشركة، لكن ذلك لم يمنع مدير التأمين أن يسأل والده أو عمّه، أيهما كان حاضراً في الشركة، عن اجتماعات خاصة بالتأمين لأن الوالد والعم كانا الممثلين الرسمين للشركة.

 

تعاطت الوكالة بأنواع مختلفة من التأمين ومنها التأمين من الحريق، والسرقة، والتأمين البحري-بضائع؛ لكنها لم تمارس التأمين على السيارات في زمانه[8] (وكان عدد السيارات في الثلاثينيات قليلاً) وكذلك لم تمارس التأمين على الحياة (أول شركة تأمين على الحياة في العراق، حسب ما يتذكر عزرا، كانت إيطالية إلا أنه نسي اسمها ويعرف بأن الاسم تضمن كلمة أسكيوراتسيوني Assicurazioni).  ويقول عزرا إن التأمين على الحياة كان موضوعاً للمزاح وإن البعض كان يعتبر من يشتريه مخبولاً.  وهذا يؤشر، في رأي، على المستوى الهابط للوعي بأهمية هذا النوع من الحماية التأمينية والنظر إليها باستخفاف بناءً على الإيمان الديني بأن الأعمار بيد الله.  وهذه القناعة ما زالت مستمرة ويشهد عليها العدد القليل لوثائق التأمين الفردي على الحياة.

 

كان زبائن الشركة من المؤمن لهم خليطاً من اليهود والمسلمين.

لم يكن للشركة فرع خارج بغداد سوى الموصل حيث كان لها وكيلاً مسيحياً.

 

كانت الشركة الوكيل الرسمي لشركة أللاّينس أشورنس Alliance Assurance Co Ltd وهي شركة بريطانية.  وكانت الوكالة تتولى إصدار وثائق التأمين وتسوية المطالبات بالتعويض.[9]

 

تُرى لماذا اختارت عائلته تأسيس وكالة للتأمين؟  يقول عزرا إن جده، عزرا، كان تاجراً وقد تعرَّض مسكنه إلى حادث حريق كبير دمر محتويات البيت ومن بينها صكوك وأوراق مالية ووثائق أخرى مهمة ولم يُبقي الحريق إلا على بعض الليرات الذهبية العثمانية.  وظل تأثير هذا الحادث قوياً في ذهن أبيه وعمه، ولذلك اتجها بعد تأسيس الشركة إلى تأسيس وكالة للتأمين إيماناً بأهمية التأمين في التعويض من حوادث الحريق.  وهذا يؤشر على أن الدافع لتأسيس وكالة التأمين كان نابعاً من تجربة شخصية وليس مجرد التوسع في العمل التجاري القائم على الاستيراد والتصدير ليشمل التأمين.

 

لا يتذكر عزرا متى بدأت وكالة التأمين في العمل.  ربما كان ذلك في أواخر عشرينيات أو أوائل ثلاثينيات القرن العشرين.  ولكن ليس هناك دليل على ذلك.[10]

 

السؤال الآخر الذي يستحق البحث هو كيف استهدت عائلة حكاك إلى شركة أللاينس للتأمين أو استهدت الأخيرة للعائلة لتكون وكيلاً لها.  لا يعرف عزرا خلفيات التأسيس ولا تاريخ تأسيس الشركة أو وكالة التأمين.  ربما يكون رابط الدين مهماً في الاختيار، كما أرى.  فالمعروف أن شركة أللاّينس أشورنس البريطانية "تأسست سنة 1824 وكانت وراءها مصالح مصرفية ومالية يهودية قوية.  فقد دعى ناثان روتشيلد والسير موسيس مونتيفيوري أحد الأعضاء المتنفذين في جمعية الأصدقاء، صاموئيل غورني، للارتباط معهما وكذلك جون إيرفنغ وفرانسيس بيرنغ وكانا يشغلان مواقع قيادية في ميدان الصيرفة والمال."[11] لتأسيس شركة تأمين برأسمال كبير.  وقد يكون رابط حسن سمعة عائلة حكاك وعلو أخلاقيات العمل لديها عنصراً إضافياً ساهم في اختيارها لتكون وكيلة عن شركة أللاينس للتأمين.

 

لا يتذكر عزرا إن قام ممثلو شركة أللاينس للتأمين بزيارة مكتب وكالة التأمين، أو أن أبيه أو عمه قد سافرا إلى لندن بغرض التباحث مع الشركة حول سير أعمال وكالة التأمين وما يتعلق بها من أمور أخرى.

 

[4]

 

هناك تفاصيل فنية في العمل التأميني وأخرى ذات طابع تاريخي ضمنتُها في قائمة الأسئلة إلا أن عزرا كان صريحاً ومتواضعاً في القول بأنه لا يعرف عنها شيئاً أو ليس متأكداً منها ويفضل عدم إبداء رأي.  من جملة هذه الأسئلة على سبيل المثل:

 

§       كيفية تسوية أقساط التأمين ومبالغ التعويضات مع شركة أللاّينس للتأمين.

§       هل كان تسعير وثائق التأمين من خلال تعرفات لفروع التأمين المختلفة؟

§    هل كانت الوكالة تعتمد على تعرفة لجنة مكاتب الحريق (الأجنبية) في بريطانيا (Fire Offices Committee-Foreign) بالنسبة لفرع التأمين على الحريق، إذ أن شركة أللاينس كانت تعتمدها في الاكتتاب بأعمالها في لندن؟

§       هل كانت شركة التأمين الأجنبية تقوم بمراقبة أعمال وكالة التأمين؟

§    دور شركة أللاينس للتأمين في تحديد الصلاحيات الاكتتابية للوكالة (فيما يخص مبلغ التأمين، وتسوية مطالبات التعويض).

§    هل كانت وثائق التأمين تصدر بالدينار العراقي أم بالجنية الإسترليني أو أية عملة أجنبية أخرى؟

§       هل كانت الوكالة تقوم بالتأمين البحري على البضائع التي كانت تستوردها والبضائع التي كانت تقوم بنقلها براً في أنحاء العراق؟[12]

§       هل كانت دور العبادة والمدارس اليهودية وغيرها من المؤسسات اليهودية مؤمن عليها؟  وهل كان للوكالة دور في ذلك؟

 

وبالنسبة لبعض الأسئلة الأخرى كسؤالي فيما إذا كانت بعض المحلات التجارية والبيوت التي تعرضت للفرهود (2-1 حزيران 1941) مؤمنة لم يستطع عزرا الجواب لأنه كان وقتذاك في طهران.[13]  وكان جوابه فيما إذا كان التحويل الخارجي سهلاً هو أن القيود الرقابية على التحويل الخارجي كانت مرنة ولم تنشأ الصعوبات إلا خلال الحرب العالمية الثانية.

 

عندما ساءت أوضاع اليهود في العراق، مع الفرهود وإصدار قانون ذيل مرسوم إسقاط الجنسية العراقية رقم 62 لسنة 1933، الوقائع العراقية، العدد 2816 بتاريخ 9 آذار 1950) وما لحقه من قوانين لتجميد أموال اليهود المسقطة عنهم الجنسية العراقية (كالقانون رقم 5 و12 لسنة 1951) قرر والده تسجيل جميع أمواله باسم ابن عمته.  لكن حكاك لا يتذكر ما حلَّ بوكالة التأمين.[14]

[5]

 

لقد حاولت في هذه الورقة عرض جوانب من النشاط التأميني في العراق من خلال التركيز على دور يهود العراق في هذا النشاط اعتماداً على قناعتي بأن دراسة دور اليهود هو في ذات الوقت دراسة لتاريخ تطور التأمين في العراق.  وهنا تلعب الرواية الشفهية والشهادات الشخصية دوراً في البحث التاريخي خاصة إذا كانت صادرة من قبل أكثر من شخص، نزيه وخالٍ من الغرض، أو يمكن التثبت من صحتها بالكشف عن الأدلة عليها.  آمل أن أستطيع تسجيل شهادات أخرى فلربما نستطيع أن نخرج بفهم أفضل لدور يهود العراق في مجال التأمين وفي ذات الوقت نُقيّم تاريخ تطور النشاط التأميني.  البحث الأكاديمي بهذا الشأن ليس سهلاً إلا أن من يقوم به سيكشف لنا الكثير عن هذا التاريخ المهمل.

 

أيلول-تشرين الثاني 2016



 

موقع شركة عزرا مير حكاك وأولاده في شارع الرشيد.  هذه الصورة مستنسخة من الأنترنيت.

 

الصور الثلاث التالية لمكاتب الشركة في طهران هي من الأرشيف الشخصي للسيد عزرا حكاك.

 


 


 




[1] الوضع ذاته ينطبق على تاريخ التأمين في البلدان العربية (المغرب، تونس، مصر، على سبيل المثل).  فبالنسبة لمصر هناك إشارات سريعة لدور يهود مصريين وخاصة بالنسبة لإنشاء شركة التأمين الأهلية عام 1900.
 
[2] ليست هناك معلومات تفيد متى وأين بدأ بعض يهود العراق العمل في مجال التأمين (وكالات أو شركات تأمين أجنبية أو عراقية) ولكن يرد التالي في أحد كتب المذكرات (سلمان درويش، كل شيء هادئ في العيادة (حيفا: رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق، 1981).
 
"عندما استولى الجيش البريطاني على بغداد (11 آذار 1917) وأنهى حكم الاتراك وجد الانكليز الكثير من اليهود الذين سبق ان تخرجوا من مدارس الاليانس وأملوا الوظائف فكان منهم المستشارون، ومديرو الشركات التجارية، ومراقبو الحسابات العامة، والحكام، والكتاب، والمترجمون وامتلأت بهم دوائر السكك الحديدية والميناء والبريد والبنوك والتأمين وضريبة الدخل وحتى مؤسسات الشرطة والجيش لم تخل منهم، واستمروا بجد واخلاص عندما قامت الحكومة الملكية الوطنية أيضاً حتى اذا ما تخرج عدد من غير اليهود من المدارس الرسمية اخذوا يحلون محل اليهود تدريجياً حتى كادت الدوائر تخلو منهم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وصدور قانون اسقاط الجنسية رقم 1 لسنة 1950."
 
وكان الموظف اليهودي خلال هذه الفترة 1917-1950 موضع ثقة رؤسائه ورضاهم سواء أكانوا من الانكليز ام من الوطنيين العراقيين لما عرف عنه من اخلاص وتفان في العمل."  [التأكيد من عندي]
 
النص مقتبس من الإنترنيت: http://iraq.iraq.ir/vb/showthread.php?t=181305
[3] كتبت ورقة حول الموضوع بعنوان "اليهود والنشاط التأميني في العراق" نشرت في مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي:
ونشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.
 
وقد ذكرت في المقالة اسم وكالة تأمين حكاك Hakkak, E M & Sons Ltd, Rashid Street ضمن أسماء الوكالات كما وردت في الدليل التجاري العراقي 1936.
 
[4] ليس هناك معلومات متداولة عن شركة عزرا مير حكاك وأولاده ولكن يرد النص التالي في أحد المواقع الإلكترونية مع صورة لموقع الشركة، وقد اقتبسته بنصه كما هو منشور:
 
"والموقع شارع الرشيد الحيدرخانه ويافظة [يافطة] شركة عزرا مير حكاك واضحة بالصورة وهي شركة لااستيراد [لاستيراد] الكراموفونات والدرجات الهوائية وفوانيس اللوكس."
 
[5] حسب المعلومات المتوفرة على الإنترنيت فإن خان الزرور من الخانات القديمة في بغداد (شُيدَّ عام 1534)، ويُعرف أيضاً باسم خان الدوﮔمة (الزر في اللهجة العراقية) أو خان المرادية.  أنظر، على سبيل المثل:
 
[6] ذكر عزرا حكاك أن اليهود العاملين في الدوائر الرسمية والمؤسسات العائدة للدولة كدائرة البريد والبرق والسكك الحديدية قد تعرضوا للفصل من وظائفهم اعتباراً من العام 1947.
 
[7] عند إثارتي لسؤال حول عمل المرأة في وكالة التأمين، قال مبتسماً إن مكان المرأة في ذلك الزمان هو البيت، لكن الوضع تغير فيما بعد.  ويؤكد هذا التغيير ما ورد في مقالة الزميل ميرزا مراد مجيد خان، "أيامي الأولى في التأمين،" مرصد التأمين العراقي، حيث يقول بأنه أثناء عمله في خمسينيات القرن الماضي في شركة Strick and Ellerman في بغداد "كان قسم التأمين يديره شخص يهودي اسمه سليم عوبديا، أو بالحقيقة شالوم.  كان ذو أخلاق عالية تساعده موظفة يهودية تزوجها لاحقاً بالرغم من فارق العمر الكبير بينهما."
 
[8] عندما سألته فيما إذا كانت الوكالة تقوم بالتأمين على السيارات على خلفية ما قرأته في إحدى القنوات الإلكترونية أن الشركة كانت تقوم باستيراد الباصات الصغيرة، نفى أن تكون الشركة قد قامت باستيراد السيارات إذ كانت هناك وكالات متخصصة في هذا المجال.
 
وقد اكتشفت فيما بعد أن شركة عزرا مير حككاك وأولاده كانت تمارس التأمين على السيارات أوائل أربعينيات القرن الماضي.  أنظر مصباح كمال، "التأمين في الأرشيف اليهودي العراقي: قراءة أولية،" مجلة التأمين العراقي.
 
[9] وقد استمرت هذه الصيغة حتى صدور قانون تأميم بعض الشركات والمنشآت المرقم 99 لسنة 1964.  يقول الأستاذ بهاء بهيج شكري، معلقاً على بعض جوانب هذا القانون الذي ينطوي على عيب كما يوضح بالتفصيل، وفيما يخص وكالة فؤاد حبه، إن " السيد فؤاد حبه بصفته وكيل تأمين كان يقوم بإصدار وثائق التأمين نيابة عن شركة أطلس ويحول لها أقساط التأمين بعد أن يستقطع عمولته المتفق عليها منها.  وعند حصول طلب تعويض يدفعه من حسابه ويطالب الشركة بتحويله له أو يستوفيه مقاصة من أقساط التأمين المستحقة للشركة."  أنظر: بهاء بهيج شكري: بحوث في التأمين (عمّان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2012)، ص 62.
 
[10] قرأت في الكتاب الذي أصدرته شركة أللاينس للتأمين بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيسها أسماء فروع الشركة خارج المملكة المتحدة، ومن بينها الهند ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا، ولم يرد فيه أي ذكر للعراق.
 
William Schooling, Alliance Assurance, 1824-1924 (London: Alliance Insurance Company, Limited, 1924).
 
[11] Harold E. Ray, A History of British Insurance (London: Sir Isaac Pitman & Sons Ltd, 2nd Ed. 1964.  First published 1948), pp 234-235.
في عام 1959 تم دمج شركة صن للتأمين Sun Insurance مع شركة أللاينس للتأمين وتكوين شركة جديدة باسم شركة صن أللاينس للتأمين المحدودة Sun Alliance Insurance Ltd وهي الآن ضمن مجموعة RSA Insurance Group
P. G. M. Dickson, The Sun Insurance Office, 1710-1960 (London: Oxford University Press, 1960), Foreword by C. G. Randolph, p vii.
 
[12] بعد قراءته لمقالتي "يهود العراق ودورهم في النشاط التأميني" ذكر لي الصديق إسماعيل الجاسم (14 آب 2016) بأنه كان يذهب أثناء العطلة الصيفية للمدارس في بغداد [في أواخر ثلاثينيات وأوائل أربعينيات القرن الماضي] إلى محل أبيه، عبد الحسين جاسم، وكان متخصصاً بأعمال النقل [البري داخل العراق].  وذكر بأن شخصاً لا يتذكر اسمه على وجه الدقة، ربما هو اسحق، كان يتردد إلى المحل ويعرض على والده التأمين على البضائع التي كان يقوم بنقلها لصالح التجار.  ولما كان عدد التجار الذي يقوم بنقل بضائعهم يتجاوز الخمسين أو الستين وبضائعهم مختلفة فإنه لم يستطع تقدير قيمة البضائع الإجمالية لأغراض التأمين أو احتساب متوسط قيمة البضائع المنقولة وتقديم معلومات أخرى تطلبها شركات التأمين كعدد الرحلات، ووسائط النقل المستخدمة، وحمولة البضائع، ونمط تغليفها، وخبرة الخسارة.  لذلك فإنه لم يؤمن عليها.  وإن حصل ضرر أو فقدان لبضاعة أحد التجار فإن أبوه كان يعوض صاحبها من ماله الخاص.  وقد أشتهر عنه بأن من يريد نقل بضائعه ما عليه إلا أن يعهد بنقلها إلى عبد الحسين جاسم لأن النقل "مصوﮔر" أي مضمون في حالة الفقد، إذ أنه كان يعوض صاحب البضاعة المتضررة أو المفقودة بسرعة وبدون تساؤولات.  وهكذا فإن أبوه كان نقلاً ومؤمناً في ذات الوقت!
 
تؤكد هذه الرواية أن يهوداً كانوا يشتغلون في بيع وثائق التأمين لأصحاب المحلات التجارية (الإنتاج المباشر)؛ وتشير في نفس الوقت إلى قبول فكرة التأمين لدى هؤلاء ولكن دون التمكن والاستعداد لتقديم البيانات الضرورية لرجل البيع كي يقوم بترتيب غطاء التأمين لصالحهم.
 
[13] كتب لي الصديق أميل كوهين الملاحظة التالية بعد قراءة مسودة المقالة:
 
"حسب علمي لم تكن المحلات التجارية والبيوت التي تعرضت للفرهود مؤمنة وحتى لو كانت مؤمنة فأعتقد أن شركات التأمين ترفض إعطاء التعويضات على أساس أنه لم تكن هناك حكومة في يومي الفرهود، أي أن الدولة في حالة فوضى.  أتذكر أن السفارة البريطانية في بغداد تعرضت للحريق بعد مظاهرة شعبية عقب ثورة 14 تموز 1958 بكم يوم ورفضت شركة التأمين أن تعوض السفارة البريطانية او بالأحرى صاحب البناية.  فأقام صاحبها دعوى ضد شركة التأمين في إحدى المحاكم العراقية واستُدعى والدي كشاهد خبير أمام المحكمة وكانت شهادته أن الثورة انتهت وأن البلد كان له حكومة مسيطرة على إدارة الدولة وليس هناك فوضى، وإن ما حصل ليس حرباً بل هو مظاهرة وهذا، حسب قواعد التأمين لدى شركة التأمين لا يعتبر حالة استثنائية.  وافقت المحكمة على شهادته وصدر القرار بتعويض صاحب المبنى."
 
جرت العادة في التأمين غير البحري على الممتلكات (هناك شروط خاصة بالنسبة لغطاء الحرب في التأمين البحري) على استثناء "الحرب، الغزو، أعمال العدو الأجنبي، العدوان أو العمليات العسكرية (سواء أعلنت الحرب أو لم تعلن) والحرب الاهلية."  وكذلك "التمرد، الشغب، الهيجان الشعبي، الانقلاب العسكري، الفتنة، العصيان، الثورة، القوة العسكرية أو القوة الغاشمة أو حالة الحصار أو أي من الحالات أو الأسباب التي تدعو إلى إعلان أو استمرار حالة الحصار أو الأحكام العرفية."  وليس لنا أن نقيَّمَ أو أن نحكم على رأي الشاهد الخبير من دون التعرف على شروط وأحكام واستثناءات وثيقة التأمين وكذلك الواقعة موضوع المطالبة بالتعويض.
 
حاولت الحصول على معلومات إضافية من أميل عن هذا الموضوع ودور والده للكشف عن الأبعاد التأمينية والكتابة عنه إلا أن ذاكرته لم تتعدَ ما كتبه.  وليس هناك الكثير عن المظاهرة أمام السفارة البريطانية والضرر الذي أصاب بعض المباني ومقتل الملحق العسكري للسفارة.  وقد استهديت إلى الكتاب التالي الذي يقدم وصفاً وتحليلاً لما جرى لكنه لا يذكر التأمين:
Juan Romero, The Iraqi Revolution of 1958: A Revolutionary Quest for Unity and Security (Lanham, MD and Plymouth, UK: University Press of America, 2010), pp 124-125.
 
 
بتاريخ 13 تشرين الأول 2016 كتب أميل كوهين رسالة، تعليقاً على ورقتي "التأمين في الأرشيف اليهودي: قراءة أولية"، جاء فيها:
 
"… you mention Iraq Insurance Office as agents of Guardian Assurance Co. which is the one my father, Menashe Cohen, was one of its directors.  His partner and sole owner, until joined by my father, was Selim Tawfiq who you mention in Page 8*.  I am not sure whether there is any further information but my belief is that my father was in charge for a short period during Qassim’s time as Selim Tawfiq was dealing with it part time.”
* الإشارة هي للصفحة 8 من مقالتي "التأمين في الأرشيف اليهودي العراقي: قراءة أولية."
 
[14] وكالات وشركات التأمين خضعت للتأميم في تموز 1964 ويبدو لي أن وكالة الحكاك وقتذاك كانت قد توقفت عن العمل إذ أن اسمها لا يرد في قائمة شركات ووكالات التأمين المؤممة.
 
وقد كتب لي الزميل منعم الخفاجي في رسالة له بتاريخ 20 أيلول 2016 التالي:
 
"ناقشت مع الأستاذ عبد الباقي [رضا] موضوع وكالات التأمين العراقية في سنة 1964 وتوصلنا حسب الذاكرة، أن لا وجود لمثل هذه الوكالات في ذلك التأريخ.  أتذكر ان منتجين (Two Agents) كانا متعاقدين مع شركة بغداد للتأمين بالعمولة أحدهما اسمه محمد علي خيري وهو فلسطيني الجنسية والآخر عراقي مسيحي لا أتذكر اسمه."
 
وكتب بتاريخ 30 أيلول 2016:
 
"اما عن اليهود العراقيين فليس لدي معلومات لكن الأستاذ عبد الباقي أخبرني ان شخص يهودي اسمه "إحسان صدْقَه" [الاسم الصحيح هو اسحق، كما ذكر لي الأستاذ عبد الباقي رضا في رسالته لي بتاريخ 19 تشرين الأول 2016] كان يدير وكالة باسم "حمزة وعباس الدرزي" تابعة لشركة (National Insurance of New Zealand) وكانت هذه الوكالة من انشط الوكالات وفروع الشركات الأجنبية العاملة في العراق آنذاك بفضل الطريقة التي كانت تدار بأسلوب يهودي!  أعلمني مرة أحد العاملين مع هذه الوكالة بأن سياستهم في دفع التعويضات كانت سهلة جداً بحيث يتم دفع التعويض وبالأخص تعويضات التأمين البحري بمجرد تقديم القوائم دون أي تأخير مما اكسب هذه الوكالة ثقة السوق."
 
استمر حضور اليهود في قطاع التأمين بأشكال مختلفة ربما حتى أواخر ستينيات القرن الماضي.  ففي مقابلة مع المحامي شوع جيجي، تم تسجيله في كانون الأول 2006 من قبل السيد إيلي تمن، يذكر فيه بأنه ووالده كانا يمثلان خمس شركات تأمين.  وكان شوع جيجي قد تخرج من كلية الحقوق عام 1955 ورحل عن العراق عام 1965.  رابط المقابلة:
 
وجاء في رسالة من أميل كوهين بتاريخ 15 تشرين الأول 2016 أن والده استمر في العمل التأميني حتى قبل فترة قصيرة من هروبه من العراق عام 1970 إلى إنكلترا بعد أن ضاقت به السبل وتدهورت أحواله المالية.  وذكر فيها أيضاً أن صباح عقيرب، أبوه إلياس عقيرب، ظل يعمل في التأمين حتى بعد تأميم شركات التأمين والوكالات عام 1964.  [كانت هناك وكالة تأمين باسم إيتش[هارون] دي شوحيط و إي [إلياس] عقيرب H D Shohet & E Akereb Ltd.  وكانت هذه الشركة وكيلة لشركة Legal & General Assurance Society and The South British Insurance Company Ltd]
 

ليست هناك تعليقات: