إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/08/02

Work Accidents & Employer's Liability

إصابات العمل ومسؤولية رب العمل

مدخل أولي لدراسة دور التأمين


المحامي منذر عباس الأسود


نشرت هذه المقالة في الثقافة الجديدة، العدد 337، 2010. وننشره في مدونة مجلة التأمين العراقي بإذن من الكاتب.


أولا: الخلفية التاريخية والنظرية



إن نشأة وتطور نظام الضمان الاجتماعي في العالم ترتب على التقدم الصناعي وازدياد استخدام الآلة وازدياد حجم العمال وتجمعهم في مناطق أو مصانع كبيرة وزيادة المخاطر التي يتعرضون لها سواء كان هذا التعرض بشكل إصابات عمل أو أمراض مهنية. وقد عجز النظام القانوني في عكس هذه التطورات وفشل إلى حد كبير في حماية الطبقة العاملة إذ أن التعويض الذي ضمنه القانون للعامل لم يكن تلقائياً بل كان قائماً على مبدأ إثبات إهمال رب العمل. ولم يكن التعويض عن إصابات العمل كافيا لتحقيق الأمان الاجتماعي له في الحالات التي تخلف الإصابة عجزا دائما أو طويل الأمد أو قد تؤدي إلى الوفاة لأن التعويض كان يتمثل بمبلغ من المال يدفع للعامل دفعة واحدة.



لقد عرف أول قانون للتأمين الاجتماعي في ألمانيا حيث صدرت ثلاثة قوانين على التوالي: قانون 15 حزيران 1883للتأمين ضد المرض وقانون 6 تموز 1884 للتأمين ضد حوادث العمل وقانون 22 حزيران 1889 للتأمين ضد العجز والشيخوخة. واعتمدت هذه القوانين مبدأ التامين الإجباري الذي يمول عن طريق الاشتراكات التي يدفعها أصحاب العمل والعمال باستثناء التامين ضد إصابات العمل الذي يمول من اشتراكات أصحاب العمل.



في عام 1911 أصدرت انكلترا أول قانون للتأمين مقررا نظام التأمين الإجباري إلا أن هذا القانون لم يكن تنظيما للتأمين قائماً على افتراض مسؤولية رب العمل عن إصابات العمل لأن المشرع الانكليزي كان قد أقام مسؤولية صاحب العمل عن تعويض العامل عنها على أساس نظرية المخاطر المهنية التي كانت ترجع إلى قوانين تعود لسنة 1897. وتتأسس هذه النظرية على إثبات الخطأ على رب العمل الذي كانت له دفوع قانونية ضدها ممثلة بتحويل المسؤولية على العامل نفسه بإثبات إهمال العامل نفسه.



في عام 1928 أصدرت فرنسا قانون التأمين الاجتماعي ويقوم على مساهمة كل من العمال وأصحاب العمل في تمويل النظام للتأمين الصحي ضد العجز والشيخوخة والوفاة.



في أمريكا كان هناك مقترح مشروع للضمان الاجتماعي يتضمن تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة والتأمين ضد البطالة حيث اقره الكونغرس الأمريكي في 14 آب 1935.



وشهدت روسيا مولد أول نظام للتأمينات الاجتماعية بعد الثورة البلشفية سنة 1917.



كما أصدر المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية اتفاقية تحمل رقم 102 لعام 1952 واقترح فيها للدول المنظمة إليها على تطبيق الضمان الاجتماعي ومنها طوارئ العمل . وقد شهدت تسعينيات القرن العشرين تطور ملحوظاً في أنظمة التأمينات والضمانات الاجتماعية العربية على صعيد برامج التأمين أو على صعيد الأداء أو التمويل. كما أن الحكومات العربية أدرجت التأمينات الاجتماعية في سُلم أولوياتها لما لها من دور ايجابي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.



ثانيا: الخلفية التاريخية للضمان الاجتماعي في العراق والقوانين المنظمة



أ – تطور التشريع



أصدرت الحكومة العراقية أول قانون للضمان الاجتماعي للعمال برقم 27 لسنة 1956 إلا أن هذا القانون لم يكن في حقيقة الأمر قانونا للضمان الاجتماعي رغم إطلاق هذه التسمية عليه وإنما كان خليطا من التأمين والادخار الإلزاميين.



من حيث أسلوب التمويل قرر القانون أن يتم بمساهمة ثلاث أطراف هي العامل وصاحب العمل والدولة. أما من حيث الحقوق التي تنشأ للعامل فقد كانت لا تتجاوز في كل الأحوال رصيد العامل في حالات العجز الدائم والشيخوخة والوفاة.



أي إن الوصف لهذا القانون بأنه قانون للتأمين والادخار الإلزاميين يرجع إلى أن ما يحصل عليه العامل كان يتحدد دائما بالرصيد المتجمع له من اشتراكاته (الادخار الإلزامي) والتأمين لمصلحته (اشتراكات صاحب العمل والدولة).



على أن هذا القانون كان يكتنفه القصور من نواحي عديدة أخرى. فقد استبعد أهم المخاطر التي يتعرض لها العمال من أحكامه وهي إصابات العمل التي ظلت مسؤولية صاحب العمل عنها خاضعة لأحكام قانون العمل. كما أن نطاق سريانه على الأشخاص كان محدود جدا إذ لم يكن يسري إلا على المشاريع الصناعية الكبيرة التي يشتغل فيها أكثر من (30) عامل.



ثم صدر قانون الضمان الاجتماعي رقم 140 لسنة 1964. وتعرض قانون الضمان الاجتماعي رقم 27 لسنة 1956 إلى نقد شديد نتيجة قصوره وعيوبه لأن هذا القانون كان عاجزا عن تحقيق الأمان الاجتماعي للطبقات الكادحة التي أعلنت ثورة 14 تموز 1958 التزامها بقضاياها. ولهذا تمت الاستعانة بمنظمة العمل الدولية التي أرسلت خبيرين إلى العراق، ووضعت المنظمة في ضوء الدراسات التي قاما بها مشروعاً لقانون الضمان الاجتماعي إلا انه لم تتهيأ الفرصة لإصداره حينذاك. وأخيرا شرع القانون رقم 140 وصدر في 10-10-1964 على أن ينفذ بعد سنة من نشره في الجريدة الرسمية أي في 10-10-1965 إلا إن نفاذه تأجل بعد ذلك إلى 1-4-1966.



ليس هناك شك في أن هذا القانون يعتبر أول خطوة حقيقة في ميدان التأمين الاجتماعي للعمال في العراق رغم انه كان ينطوي على الكثير من النواقص.



ب – نطاق السريان والمخاطر التي يغطيها القانون



جاء النص على تطبيق القانون تدريجيا وعلى مراحل من دون أن يحدد طبيعتها ومواعيد حلولها وإنما أحال ذلك إلى صدور نظام (نظام الخدمة المضمونة ) بتاريخ 28-شباط-1966.



أما من حيث المكان فقد نص على تطبيقه في مناطق وحرمان مناطق أخرى من شموله.



أما بالنسبة للمخاطر المضمونة فقد قسمها القانون إلى ثلاثة فروع:



1- المرض: يشمل المرض والولادة والوفاة.

2- التقاعد: يشمل العجز والشيخوخة والخلف.

3- إصابات العمل يشمل أيضا الأمراض المهنية.



أما بالنسبة للمشمولين فقد نص القانون على أن كل (مستخدم) يكون خاضعا للضمان الإلزامي بشرط اشتغاله في مشروع من مشاريع القطاع الخاص يتجاوز عدد عماله العشرين أو في دائرة أو مؤسسة رسمية أو شبه رسمية مدنية كانت أم عسكرية ومن دون تحديد للعدد بشرط أن لا يكون خاضعا لقوانين التقاعد للدوائر والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية.



ولا يهم بعد هذا إذا كان العامل يشتغل في مشروع خاص أو عام أو مختلط أو صناعي أو تجاري أو كان عراقيا أو أجنبيا.



ولغرض احتساب الحد الأدنى اللازم لخضوع المشروع في القطاع الخاص للقانون في حالة توزع العمال على أكثر من محل واحد فان مجموع عددهم في مختلف محلات العمل هو المعول عليه.



ج: قانون رقم 112 لسنة 1969



سجّل صدور قانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 112 لسنة 1969 تقدماً إذ جاءت أحكامه على نحو روعي فيها إنصاف العمال على اختلاف درجاتهم ومدد خدمتهم وظروفها.



ولكن يبدو أن هذا القانون قد وضُع على عجل وبطريقة أفقدت واضعيه الفرصة لتطوير شكل ومضمون الضمان الاجتماعي في العراق فاقتصرت مهمتهم على زيادة حقوق المضمونين من حيث الكم فقط. ولذلك فإن القانون لم يصمد طويلا في التطبيق.



د: قانون رقم 39 لسنة 1971



الغي القانون رقم 112 لسنة 1969 وصدر قانون جديد حقق تغييرا جذريا في نظام الضمان الاجتماعي في العراق وكان يحمل رقم 39 لسنة 1971. وجاء هذا القانون ليشكل نقلة نوعية في فن ومضمون الضمان الاجتماعي. ويمكن تحديد أهم الملامح الرئيسة للتغيير الذي أحدثه هذا القانون كما يلي:



1- التغيير في النظام

إن كلا من القانونين رقم 140 لسنة 1964 و 112 لسنة 1969 اعتمدا مبدأ تقسيم العمال إلى خمسة أصناف وقد تخلى القانون الجديد هذا التقسيم.



2-التغيير في الشمول والموضوع

أ‌- من حيث الشمول:جاء القانون الجديد مقررا مبدأ الشمول التام لجميع العمال بالضمان الاجتماعي على أن يتم هذا الشمول تدريجيا وضمن اجل زمني محدد.

ب‌- من حيث الموضوع: أصبح لأول مرة في العراق نظام حقيقي للضمان الاجتماعي في حالات المرض والولادة والخدمات.



3-التغيير في الجوهر والمحتوى

 في ظل هذا القانون الجديد لم يعد مقياس استحقاق التعويض أو المكافأة أو الراتب ما يكون قد أدخره العامل أثناء قدرته على العمل بل أصبح الأساس الجوهري الأول للاستحقاق هو وجود الحاجة الفعلية للحماية الاجتماعية.



هـ – نطاق سريان قانون رقم 39 لسنة 1971



1- من حيث المكان: لم يحدد بنص صريح إلا انه يمكن استنتاج ذلك على نحو غير مباشر من بعض نصوصه. ويستفاد من المادة (2) منه إن القانون يسري على جميع أرجاء العراق حيث لم يرد في القانون أي قيد يقيد إطلاق هذا النص، أي أن النطاق المكاني لسريان قانون الضمان الاجتماعي هو جميع أرجاء العراق دون أي استثناء.



2- من حيث الزمان والأشخاص:

– من حيث الزمان:

يعمل بهذا القانون من تاريخ صدوره واعتبارا من 1-4-1971 وعلى جميع العمال المشمولين بأحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 112 لسنة 1969 المعدل.
– من حيث الأشخاص:

تقرر بموجب قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل)المرقم 150 في 19-3-1987 أن يقتصر سريان أحكام قانون العمل على عمال القطاع الخاص والمختلط والتعاوني فقط مع ملاحظة حكم قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 1634 في 20-12-1978 الذي قضى بتطبيق أحكام القانون على المشاريع التي تستخدم خمسة عمال فأكثر، مما يعني أن العمال الذين يعملون في مشاريع تستخدم اقل من هذا العدد لا زالوا غير مشمولين بأحكام القانون.



و: نطاق التغطية



المرض – العجز والشيخوخة – إصابات العمل



وما يهمنا هو ضمان إصابات العمل. إن الحماية في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 39 لسنة 1971 لا تقتصر على الإصابات التي تقع في محل العمل بل تمتد إلى الإصابات التي تقع في الطريق إلى العمل أو العودة منه كما تشمل الأمراض المهنية التي تعتبر بحكم إصابات العمل.



ثالثا: الاشتراكات في صندوق التقاعد والضمان



إن مصادر تمويل صندوق التقاعد وضمان العمال بموجب قانون وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رقم 29 لسنة 1987 تتكون مما يلي:



1- الموجودات النقدية والعينية التي آلت من المؤسسة العامة للتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال الملغاة.

2- مصادر تمويل دورية تتحدد أساسا بما يلي:

أ‌- الاشتراكات التي يلتزم بدفعها العمال وأصحاب العمل.

ب‌- حصة الصندوق من الأرباح وفقا لأحكام القانون رقم 101 لسنة 1964 والبالغة 14% من الأرباح.

ت‌- عائد استثمار فائض أموال الصندوق.

ث‌- الغرامات القضائية التي تفرض على المخالفين لأحكام قانون الضمان والفوائد التأخيرية المترتبة على أصحاب العمل الذين يتأخرون عن تأدية الاشتراكات.



والاشتراك هو استقطاع نقدي إجباري يتحمله الممول يدفعه مساهمة منه في تمويل التأمينات الاجتماعية، وقد عرفته المادة الأولى من قانون الضمان الاجتماعي بأنه (المبلغ الواجب دفعه على الجهات التي يحددها القانون لقاء أي من الخدمات أو التعويضات أو المكافأة أو الرواتب التي تقدمها المؤسسة للشخص المضمون وفقا لأحكام هذا القانون). إن القانون لا يلزم العمال إلا بالمساهمة في تمويل التقاعد، في حين يلزم الإدارات وأصحاب العمل بتمويل ضمان جميع المخاطر المقررة في القانون.



واعتمد قانون رقم 39 لسنة 1971 أسلوب تحديد الاشتراك على أساس نسبة مئوية من الأجر حيث قضت المادة 27 منه بما يلي:



- يستقطع من العامل المضمون نسبة 5% من اجر العامل لقاء اشتراكه في المؤسسة.



- نسبة 12% من الأجور على جميع أصحاب العمل ما عدا الذين استثنوا من أحكام المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 101 لسنة 1964 المعدل.

رابعا: التعريف القانوني لإصابة العمل
هي الإصابة نتيجة حادث وقع للعامل أثناء تأدية العمل أو بسببه ويعتبر في حكم ذلك كل حادث يتم خلال فترة ذهابه لعمله أو عودته منه. أي المقصود بالإصابة هي ضرر جسماني ينشأ عن واقعة خارجية مباغته وعنيفة.


وتنقسم إصابات العمل إلى:


1- الإصابات المباشرة التي تحدث:

- في موقع العمل.

- خلال فترة ذهاب العامل من والى العمل.

- بسبب العمل لأية مهمة تناط للعامل من قبل صاحب العمل خارج أوقات العمل.



2- الأمراض المهنية التي يتعرض إليها العمال لمخاطر مهنية فيزيائية أو كيماوية أو حيوية.



3- الإصابات بسبب الإجهاد والإرهاق اللذان قد يصيبا العامل في حالة إناطته للقيام بمسؤوليات إضافية وساعات عمل إضافية.



وقد ينتج أو لا ينتج عن الإصابة ضرر والذي بدوره قد يؤدي أو لا يؤدي إلى عجز.



خامسا: شروط إصابات العمل



يشترط في الحادث الذي تنشأ عنه الإصابة أن يقع أثناء العمل فإذا لم يقع أثناء العمل فقد يكون العمل هو سبب وقوعه كما في أدناه.



1- وقوع الحادث أثناء العمل:

يعتبر الحادث قد وقع أثناء العمل إذا كان قد وقع أثناء الفترة المحددة للقيام بالعمل والقيام بالعمل وبالتالي يتحقق الوصف ولو انتفت السببية بين العمل والحادث. وفي حالة وقوع الإصابة أثناء العمل فإنها تعتبر إصابة عمل أيا كان السبب إذ قد يكون سببها قوة قاهرة ولا يرجع إلى ظروف العمل أو نتيجة اعتداء شخص ثالث ففي كل هذه الحالات تعتبر الإصابة إصابة عمل.



2- وقوع الحادث بسبب العمل:

يشترط لاعتبار الإصابة إصابة عمل أن تقع بسبب العمل. والمقصود بذلك الإصابة الناشئة عن الحوادث التي تربطها بالعمل رابطة سببية ولو أنها وقعت في غير مكان العمل أو زمانه. لذلك، يقتضي إثبات الارتباط بين العمل والحادث، أي إثبات أنه لولا العمل لما وقع الحادث. إذن لا يشترط أن يكون الحادث ناشئا عن العمل بالذات، أي عن مادية العمل لأنه في هذه الحالة يكون أساس التعويض مبنيا على مخاطر المهنة وهذا لا يتفق مع قصد المشرع.



سادسا :الإجراءات والتحقيق عند وقوع الإصابة



ألزم القانون أصحاب العمل بالتبليغ عن وقوع الإصابة حال وقوعها إلى كل من الشرطة وقسم تفتيش العمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.



ويترتب على أصحاب العمل الأتي:



1- على صاحب العمل المبادرة فورا للعناية بالعامل الذي يتعرض لإصابة عمل أثناء العمل أو بسببه.



2- تأمين إيصال العامل المصاب لأقرب مركز طبي تعتمده دائرة الضمان (عندما تستوجب ذلك).



3- الالتزام بدفع الأجر الكامل لليوم الذي وقعت فيه الإصابة للعامل المصاب وعن الأيام التي يتأخر فيها إيصاله إلى المركز الطبي المعتمد.



سابعا: التحقيق وتحديد المسؤولية



يقع على لجنة تفتيش العمل المختصة واجب التحقيق الفوري عن أسباب وقوع الإصابة وبيان ظروفها وجميع الملابسات التي رافقتها وإذا ظهر أن مسؤولية الإصابة تقع على العامل أو على صاحب العمل أو على جهة ثالثة بينت ذلك بوضوح في تقريرها.



إن تقرير التفتيش يعتبر مستندا رسميا يركن إليه في توجيه المسؤولية وتحديد المتسبب في حدوث الإصابة. ولذلك يقتضي في هذه الحالة أن يكون التقرير واضحا بحيث يحدد المسؤولية بشكل دقيق.



إن القانون النافذ لا يقر للعامل المصاب حق الخيار في الرجوع على المتسبب بالإصابة وإنما اكتفى برجوع دائرة الضمان على الغير المتسبب بالإصابة الذي يلزم بدفع التعويض الذي تقرره المحكمة وفقا للقواعد العامة في القانون المدني.



ثامنا: التزامات دائرة الضمان في حالة وقوع الإصابة



عندما تتوفر الشروط التي حددها القانون للإصابة تترتب للعامل المصاب حقوق تتناسب مع جسامة الإصابة ودرجة العجز الناشئ عنها.



1- تلتزم الدائرة برعاية ومعالجة العامل المصاب عند إخطارها بالحادث وحتى شفائه تماما أو وفاته.



2- يعتبر العامل من تاريخ إصابته وحتى شفائه أو ثبوت عجزه بحالة إجازة بدون اجر أي أن صاحب العمل لا يدفع أجرا إلى العامل المصاب إذ يستحق في هذه الحالة تعويض إجازة إصابة طوال فترة معالجته يساوي كامل أجره الذي دفعه عند الاشتراك الأخير.



3- المكافأة التعويضية: إذا نشأ عن الإصابة عجز يقل عن 35% من العجز الكامل يستحق العامل المصاب مكافأة تعويضية تمنح دفعة واحدة على أساس الرصيد الناجم عن نسبة عجزه الجزئي مضروبة بمبلغ إجمالي يساوي راتب تقاعد الإصابة بالكامل عن أربع سنوات.



4- الراتب التقاعدي عن العجز الجزئي: قد يؤدي حادث العمل إلى إصابة احد أعضاء جسم العامل بضرر بحيث يؤثر ذلك على قدرة العامل في العمل والكسب، وقد يكون عجزا جزئيا دائما. إن العجز يتقرر بعد شفاء العامل تماما.



5- الراتب التقاعدي عن العجز الكامل: إن العجز الكامل هو الذي تتحدد درجته بـ 100% وهو الذي يَحُول كلية وبصفة مستديمة بين العامل المضمون وبين مزاولته لأية مهنة أو عمل يكتسب منه. وفي هذه الحالة يستحق راتبا تقاعدياً عن العجز المذكور على أساس 80% من متوسط الأجر في سنة عمله الأخيرة أو خلال مدة عمله إن كانت اقل من سنة. أما في حالة الوفاة للعامل المتقاعد المصاب بعجز كامل فيحول راتبه إلى خلفه.



6- حالة وفاة العامل نتيجة إصابة العمل: يستحق راتب تقاعد الإصابة الكامل الذي يمثل 80%من متوسط اجر العامل المتوفي في سنة عمله الأخيرة أو خلال مدة عمله إن كانت اقل من سنة.



7- حالة تكرار الإصابة: إذا تكررت الإصابة للعامل الواحد تراعى القواعد التالية:



1- إذا كانت نسبة العجز في إصابته الأخيرة مضافة إلى نسبة عجزه السابقة لا تبلغ 35% من العجز الكامل يمنح مكافأة نقدية على أساس نسبة العجز في الإصابة الأخيرة مضروبة بمبلغ إجمالي يساوي راتب تقاعد الإصابة عن أربع سنوات.



2- إذا كانت نسبة العجز في إصابته الأخيرة مضافة إلى نسبة عجزه السابقة قد بلغت 35% من العجز الكامل فأكثر يمنح راتب تقاعد إصابة على أساس مجموع نسب العجز التي إصابته دون الرجوع عليه بما سبق ا نتقاضاه من مكافاءات تعويضية عن إصابته السابقة.



تاسعا: دور شركات التأمين



إن تأمين إصابات العمل في العراق لا يتم عن طريق شركات التأمين وإنما يطبق قانون الضمان الاجتماعي ومن خلال دائرة الضمان الاجتماعي. كما انه برأينا لا يوجد هناك دور لنقابات العمال وتنظيمات أرباب العمل في الاهتمام بالحماية التأمينية وتطويعها ضمن متطلبات القانون حيث لم المس ذلك.



إن دور شركات التأمين العراقية، في الوقت الحاضر، هو أنها تقوم بإصدار وثيقة تأمين من الحوادث الشخصية لمن يرغب من الشركات أو المصانع والمعامل. تغطي هذه الوثيقة الإصابات البدنية العرضية الناجمة فقط عن عوامل عنيفة وخارجية ومرئية تؤدي بمفردها ودون تدخل أي سبب أخر إلى الوفاة أو العطل الجزئي أو العطل الكلي الدائم المانع من مزاولة المصاب لعمله أو أي عمل أخر، وفقا لما يرد في جدول المنافع للوثيقة، لقاء قسط تأمين سنوي يحدد في جدول الوثيقة. وتتعهد شركة التامين بان تدفع للمؤمن عليهم أو للمستفيدين أو للورثة الشرعيين في حالة الوفاة المبلغ أو المبالغ المذكورة في الجدول شريطة أن تقع الإصابة خلال مدة التأمين المذكورة فيها.



ويدفع مبلغ أية منفعة بموجب وثيقة التأمين خلال شهر من تاريخ ثبوت الإصابة وما يترتب عليها بعد أن تكون الشركة قد اقتنعت بصحتها، وان مثل هذا المبلغ عند دفعه سيكون خاليا من أية فوائد تأخيرية قد يدعى بها.



إن هذا النوع من التأمين يلجأ إليه الكثير من الأشخاص لحماية أنفسهم من المخاطر التي تواجههم إلا أن الذي حد من فاعليته في تحقيق ألامان الاجتماعي انه لم يكن بمقدور كل الأفراد اللجوء إليه إذ إن الانتفاع منه رهين بتوفر القدرة المالية على دفع أقساط التأمين، وهذا ما لا يتاح لأكثر الناس حاجة إلى الأمان وهم الفقراء. فحماية المؤمن عليه ترتبط بقدر القسط الذي يؤديه للمؤمن لا بالمخاطر الاجتماعية التي يواجهها، وما ينشأ عنها من أضرار.



وقد كان هذا التأمين الأساس الفني الذي قام عليه نظام التأمين الاجتماعي مع حرص هذا الأخير على تجنب مساوئ الأول فجاء التأمين الاجتماعي إلزاميا لا يستهدف الربح ساعيا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، محققا مبدأ التضامن بأجلى صورة.


بغداد
آذار 2010


المراجع:

د. عدنان العابد، د. يوسف الياس، قانون الضمان الاجتماعي (بغداد، د.ن، د. ت، توزيع: المكتبة القانونية)

وثيقة التأمين من الحوادث الشخصية ( الجماعية ) المستخدمة من قبل شركات التأمين العراقية.

ليست هناك تعليقات: