إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/05/14

Catastrophic Risks

الأخطار الكارثية: الحاجة إلى وسائل وأدوات ومؤسسات جديدة




ﮔريسيلا ﭼﻴﭼلينسكي

ترجمة مصباح كمال



Catastrophic Risks: The need for new tools, financial instruments and institutions

By Graciela Chichilnisky

Published on: Jun 07, 2006
http://privatizationofrisk.ssrc.org/Chichilnisky/ on the public website of the Social Science Research Council (SSRC).

The SSRC is 'an independent, nonprofit international organization founded in 1923. It nurtures new generations of social scientists, fosters innovative research, and mobilizes necessary knowledge on important public issues.'


تشغل ﮔريسيلا ﭼﻴﭼلينسكي كرسي اليونسكو في الرياضيات والاقتصاد، وهي أستاذ الإحصاء في جامعة كولومبيا، ومدير مركز كولومبيا لإدارة الأخطار. أسست برنامج كولومبيا للمعلومات والموارد، الذي يركز على تطوير التدريس وجدول أعمال البحوث في الجامعة ليعكس الاتجاه المتزايد نحو العولمة والتنمية المستدامة.

نهدف من وراء ترجمة هذه المقالة، كغيرها من الدراسات الأخرى المترجمة المنشورة في مجلة التأمين العراقي، إلى التعريف بها كونها نموذجاً من المعالجات تجمع بين التأمين وفروع أخرى ذات ارتباط بالنشاط التأميني ومفاهيمه. ونحن لا نتفق دائماً مع المعالجات وخاصة بعض التقييمات والمقترحات المتضمنة فيها، لكن المهم هو منهج العرض والتحليل القائم على المعرفة وليس مجرد الخواطر.


نقطة التحول: إعصار كاترينا يكشف اتجاها جديدا


نحن نعيش في عالم يفتقر إلى اليقين [عدم التأكد] على نحو متزايد. فللمرة الأولى في التاريخ يهيمن البشر على كوكب الأرض ومع ذلك، وهنا المفارقة، فإن نجاح العولمة قد زاد من المخاطر التي نواجهها. وزادت الطبيعة من وطأة المخاطر. فقد سجل عام 2004 رقماَ قياسياً من الأعاصير التي ضربت فلوريدا واليابان. وخلال هذا الشهر [حزيران 2006] وجه إعصاري كاترينا وريتا ضربتين لنيو اورليانز وتكساس، أزهقتا بشكل مأساوي الآلاف من الأرواح وتسببتا في خسائر في الممتلكات تقرب من 400 مليار دولار.



وبينما يشاهد الناس ذلك على شاشات التلفزيون في حالة من الصدمة وعدم التصديق، يتوقع العلماء بروز اتجاه عالمي جديد. وفي ذات الوقت تزداد قوة وتردد الأعاصير التي يمكن أن تؤثر على الولايات المتحدة. ويعتقد العديد من الناس بأننا ندخل دورة جيولوجية جديدة وأن التقلبات المتزايدة للعواصف سببها ارتفاع حرارة البحار، أحد أشكال النمط الشامل لظاهرة الاحتباس الحراري. ربما نحن بحاجة إلى أن نُعدَّ أنفسنا لعدة عقود لمزيد من الفيضانات المتكررة والقوية والأعاصير. نحن بحاجة للإعداد لمواجهة بيئة مادية متزايدة الخطورة، وعلينا أن نفعل ذلك بسرعة.



ويشير إعصار كاترينا إلى الحاجة لتفكير جديد حول الأخطار الكارثية ذلك لأن حجم الإعصار جعله واحداُ من أكبر الكوارث الاقتصادية التي واجهتها الولايات المتحدة، مع ما يصل إلى 200 مليار دولار من الخسائر. وكان الأكثر تضررا العائلات السود والمجموعات ذات الدخل المنخفض، وهي الشرائح الأضعف في المجتمع. ويأتي ذلك في وقت تزايدت فيه المخاطر الاقتصادية التي تواجهها الأسر في جميع أنحاء البلاد، ودخل الأسرة يتعرض من سنة إلى أخرى إلى تقلبات متزايدة منذ عام 1972.



يتفق الكثيرون على أن الأخطار الكارثية من نمط كاترينا تتطلب تشكيل جبهة موحدة ومنظمة، تستدعي أشكال جديدة من العمل العام وأدوار جديدة للحكم governance . ومع ذلك، وبعد عقدين من ثورة ريغان هناك سوء ظن عميق تجاه العمل العام مع تفتيت لعملية صنع القرار. وهذا الوضع يترك الأمور على نحو متزايد في أيدي الحكومات المحلية التي قد لا تكون مؤهلة للتعامل مع مشاكل واسعة النطاق. المنطق السائد يقول إن العمل الخاص هو الأفضل، وبأن التصرف الفردي وحده هو الأفضل دائما. وهكذا انحدرت الوحدة الوطنية إلى أدنى مستوياتها. وقوضت إدارة جورج بوش التعددية، كما أن التعاون الدولي هو أيضا في أدنى مستوياته في تاريخ الأمة الأمريكية. هناك هوة هائلة بين ما هو مطلوب والتصور الاجتماعي الحالي لكيفية إيجاد حل.



وأنا أزعم أن حجم المخاطر الجديدة التي نواجهها تدعو إلى أشكال جديدة من التنظيم الاجتماعي وأدوات لصنع القرار في الفترات التي يسود فيها عدم اليقين. فهي تتطلب أنواعاً جديدة من الوسائل المالية والمؤسسات، وتقودنا إلى إعادة التفكير في العمل العام ودور الحكومات.



الأخطار الكارثية الجديدة



إعصار كاترينا يوحي بالحاجة إلى تفكير جديد حول الأخطار الكارثية. فبعد كاترينا أدرك الجميع بأن القوة تأتي من الوحدة وإننا بحاجة إلى بعضنا البعض في مواجهة المأساة. كانت الرسالة واضحة في خطابات الرئيس بوش التي تدعو إلى الوحدة الوطنية والدولية، كما كانت ردود الناس في جميع أنحاء البلاد. ومن الناحية العملية، فإن وقوع كارثة من هذا الحجم والنطاق يتطلب ردا يتناسب معه.



لكن لم يكن هناك جهد وطني منظم، واستجابة موحدة للتعامل مع هذه المأساة. فمختلف السلطات المعنية لم تكن مستعدة للعمل مع بعضها البعض، مما أدى إلى إرسال إشارات متضاربة بين الهيئات المحلية والاتحادية شلّت الجهود التي يبذلونها. وفي النهاية، كانت الاستجابة غير الكافية لإعصار كاترينا ما يماثل صدمة الحدث نفسه. فانعدام التنسيق والاستجابة البطيئة غير المفهومة ربما أدت إلى إزهاق العديد من الأرواح بلا ضرورة. وهكذا أضيف إلى الكارثة المادية كارثة من صنع الإنسان. وكما قال الرئيس بوش، كانت الاستجابة غير كافية. ولهذا فنحن بحاجة إلى أشكال أفضل من التنظيم الاجتماعي لمواجهة الأخطار الكارثية.



وساهمت العوامل البشرية في تعظيم صدمة الطبيعة في نواح أخرى أيضا. فقد كان لدينا إشارات تحذير واضحة حول الخطر الذي تشكله سدود نيو أورليانز، واكتشفنا انه كان من الممكن تفادي خسارة إعصار بقيمة 200 مليار دولار باستثمار 18 مليار دولار قبل وقوعه. ومع ذلك أخفقنا في استخدام ما لدينا من أدوات لصنع القرار في ظروف عدم اليقين. أصبح واضحاً أننا قللنا من مخاطر وتكاليف البقاء دون حراك وعدم القيام بأي شيء. لقد كنا حقاً غير مستعدين.



هناك إذاً حاجة إلى أدوات جديدة لتقييم صحيح للمخاطر التي نواجهها في أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة وعالميا. قد تكون هناك حاجة إلى أدوات مالية جديدة ومؤسسات لتعويض الضحايا، حسب الاقتضاء، وتقديم حوافز لمنع الخسائر الكارثية كلما أمكن ذلك.



ونحن بحاجة إلى إعادة النظر في مناهج تحوطنا من المخاطر الاقتصادية التي نواجهها من خلال التركيز على الأسرة، وهي الوحدة الأولى والأساسية من بين جميع مؤسسات تقاسم المخاطر.



اليوم الأسرة الأمريكية تنوء تحت الضغط، ضحية لحالة عدم اليقين الاجتماعية التي نشعر بها جميعا. على الرغم من أن العديد من الناس يدعون إلى قيم تنحاز نحو الأسرة إلا أن النمط الاقتصادي العام بدلا من أن يعمل على تعزيز الأسرة باعتبارها ملاذا آمنا أدى إلى تقويضها. وبين جاكوب هاكر (2004 ، 2005) مؤخرا أن دخل الأسرة من سنة إلى سنة عانى تقلبات متزايدة منذ عام 1972.



قانون الأعداد الكبيرة وفرص الإقدام على العمل



يمكن أن يكون الإعصارين التوأمين وتوقعات زيادة تواتر وشدة الأعاصير باعثاً للتحول سيمكننا من إعادة النظر في دور العمل العام public action ودور الحكومات. فالمحن تعمل على التقريب بين الناس. بعد إعصار كاترينا كان هناك بروزاً قوياً للوحدة الوطنية في مواجهة المأساة. فإذا كان الإعصار يساعد على التقريب بيننا يمكن عندها أن تصبح المأساة نعمة مقنعة. يدل التطور الإنساني على أن الرد على الشدائد هو خلق الروابط الإنسانية المتينة. وقد ظهرت الأسرة على المسرح لأن الناس هم أفضل حالا كجزء من فريق عند مواجهة بيئة عدائية مادية بدلاً من العمل الفردي. وكذا الأمر بالنسبة للدول في حماية مواطنيها، فهم أفضل حالا عندما يقفون مع بعضهم جنباً إلى جانب. هناك أساس متين علمي وتجاري للوحدة في ظل عدم اليقين،ويسمى قانون الأعداد الكبيرة. وهو قانون يقول، تقريبا، أن هناك أمانا في كثرة العدد.



ربما يحمل كل واحد منا قلقاً من خطر وقوعه ضحية في حادث سيارة، ولكن العدد الإجمالي للحوادث سنويا في مختلف أنحاء البلاد معروف بفضل قانون الأعداد الكبيرة. وهذا يسمح لنا التأمين ضد حوادث السيارات بشكل مناسب بحيث يتم تغطية المخاطر. كما أنه يوفر حافزا لتشريع قوانين ربط حزام الأمان وقوانين سلامة المعدات التي تساعد على الحيلولة دون وقوع المخاطر في المقام الأول. لا يعرف أحد منا متى سنموت، ولكن هناك يقين إحصائي حول متوسط العمر المتوقع بين عدد كبير من السكان. ولهذا نقوم بوضع الجداول الاكتوارية التي هي الأساس للتأمين على الحياة في جميع أشكاله. وهذا يسمح لنا للتأمين على حياتنا، وتغطية المخاطر لأحبائنا. ويركز انتباهنا أيضا على الوقاية من المخاطر الصحية التي يمكن أن تكون قاتلة.



الأكبر هو الأفضل لأنه، بصفة عامة، يزيل الشكوك. فكلما زاد حجم المجموعة، كان ذلك أفضل لعمل قانون الأعداد الكبيرة. (سأترك جانبا في الوقت الراهن المخاطر التي تنشأ من زيادة الترابط، الذي يزيد مع حجم المجموعة وسأناقشها في نهاية هذا المقال).



ويمكن زيادة حجم الأرباح عن طريق الحد من عدم اليقين وبالتالي تخفيض حجم التكاليف. سلاسل التوريد supply chains في الواقع تعمل على نحو أفضل عندما نتمكن من توقع ما هو مطلوب ومتى. هذا هو الأساس وراء تنظيم الاحتفاظ بالموجودات الذي يقوم على توفير المادة المطلوبة 'في الوقت المطلوب على وجه الدقة' وكان وراء تحقيق الأرباح الهائلة، وأعاد تشكيل صناعة السيارات في جميع أنحاء العالم. وهو أحد أسباب نجاح وول مارت[1] فوكيل واحد لبيع السيارات لا يمكن له أن يتوقع عدد السيارات التي سيتم بيعها في كل مكان، ولكن يمكن لسلسلة من وكلاء السيارات، باستخدام قانون الأعداد الكبيرة، أن تتنبأ الطلب على نحو أفضل، وتقوم بشراء المخزون والإمدادات بكميات كبيرة، وتزيد الأرباح. هذا هو أيضا السبب في تفوق سلاسل الصيدليات الكبيرة على الصيدليات المستقلة في كل مكان، وهو يفسر لنا أيضاً تراجع واختفاء المحلات المستقلة الصغيرة تقريبا.



ويمكن القول أن قانون الأعداد الكبيرة وراء نجاح الإنتاج الضخم mass production الذي أدى إلى قيام الاقتصاد الاستهلاكي في القرن العشرين، والاستهلاك الجماهيري mass consumption والذي أدى بدوره إلى اقتصاد المعلومات في القرن الحادي والعشرين. وخلاصة القول أن هناك أرباحا في الأرقام [كلما كانت هذه الأرقام كبيرة]. لذلك فالوحدة الاجتماعية يمكن أن تكون مسألة مربحة. هذا هو أحد أسباب الحاجة إلى الحكومات ويمكن أن يكون دورها فعالاً، لأنها يمكن أن تعمل مثل شركات التأمين العملاقة التي تستخدم قانون الأعداد الكبيرة لضم المجتمع على بعضه من أجل تحقيق مكاسب للجميع. استخدام الموارد الاتحادية لتقديم الإغاثة إلى المناطق المنكوبة في جميع أنحاء البلاد -- دور الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ FEMA -- يتبع هذا المنطق.



قانون الأعداد الكبيرة هو المبرر القوي للعمل العام. فمن خلال تقليل عدم اليقين فأنه يحسن الرفاه الاجتماعي. وهو يساعدنا على إعادة النظر في قيمة الوحدة الوطنية في ظل الشدائد، ويقدم دورا لا جدال فيه بالنسبة للحكومات والعمل العام في جميع أنحاء العالم.



وبالإضافة إلى ذلك فإن قانون الأعداد الكبيرة يخلق أساسا لتعاون مثمر بين القطاعين العام والخاص. المؤسسات المالية مثل فاني ماي Fannie Mae وفريدي ماك Freddi Mac تجمع جزئياً بين الأهداف الخاصة والعامة. ولكونهما ثاني أكبر المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وأكثرها ربحية بينها فإنهما توفران السيولة لسوق الرهن العقاري، وذلك على الرغم من أنهما لا تقدمان قروض الرهن العقاري بنفسيهما، وتستخدمان القطاع الخاص لهذا الغرض. وهما تضاعفان أرباحهما عن طريق تجميع أعداد كبيرة من الرهون العقارية في مختلف أنحاء البلاد، وبالتالي تقليل المخاطر. أما دور الحكومة فهو توجيه استخدام الأرباح لتقديم القروض العقارية للأسر ذات الدخل المنخفض. ولذلك فإن قانون الأعداد الكبيرة، ومن خلال تقليل عدم اليقين الاجتماعي، يتحول إلى 'سلعة عامة' تعود بالفائدة علينا جميعا.



لا يمكن للقطاع الخاص أن يجني فوائد الأعداد الكبيرة بمفرده دائما. ويجب على الحكومة ضمان شفافية هذه المؤسسات المالية الضخمة، والتي تربط في حزمة أصولاً من حوالي 40٪ من سوق الإسكان في البلاد. إن المؤسسة التي تحقق حجماً من الأعمال تمتد على نطاق واسع في البلاد من نمط فاني ماي وفريدي ماك تحمل معها خطر خلق احتكار وطني على نطاق البلاد، وما يرتبط بها من فساد محتمل وفقدان للرعاية التي تنشأ من مثل هذه الاحتكارات. ولذلك فإن التدخل العام [الحكومي]، بشكل أو آخر، يصبح مطلوباً. هنا تنهض فرصة طبيعية للعمل العام. أنظر، على سبيل المثال، مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم والتي تخدم أعدادا هائلة من الناس مثل الإنترنت. فقد كانت هذا استثماراً عاماً قام به الجيش الأمريكي ووفر بنية تحتية رائعة عامة يقود إلى الابتكار، والمبادرة الخاصة والأرباح التجارية في جميع أنحاء العالم.



ويمكن لقانون الأعداد الكبيرة أن يساعد أيضا في تجنب المخاطر التي يخلقها البشر، والتي تشكل مصدرا هاما من مصادر عدم اليقين. في السنوات العشرين الأخيرة واجهت الأسرة العادية ارتفاعا حادا في عدم الاستقرار الاقتصادي. فبعض المؤسسات الاجتماعية، المنشأة من خلال برامج الاتفاق الجديد New Deal [في ثلاثينات القرن الماضي] للتأمين ضد [آثار] التقلبات الاقتصادية الشديدة وصلت إلى نقطة متدنية في خدماتها، وبعضها عن قصد وتصميم، وبدلا من تحديثها، لجأنا في كثير من الحالات إلى التخلص من الشبكة الاجتماعية، على الضد من فوائد قانون الأعداد الكبيرة، من خلال محاولة خصخصة المخاطر الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي (هاكر 2004 ، 2005). إن الخصخصة في كثير من الأحيان تقلل من حجم المُجمّع، وتقوض بالتالي الفوائد المكتسبة عن طريق تجميع الموارد.



حواجز تحول دون الفهم والفعل -- وكيفية التغلب عليها



إن عالماً مادياً يهددنا على نحو متزايد، ارتباطاً بأخطار اجتماعية متصاعدة، يستدعي الوحدة وسياسات عامة تعاونية. هذا التهديد والمخاطر تسلط الضوء على أهمية العمل العام لتشغيل قانون الأعداد الكبيرة، الذي هو أساس تقاسم المخاطر في جميع أشكاله. ومع ذلك، كما ذكرنا أعلاه، هناك بون شاسع بين المشاكل التي نواجهها والحلول التي نحتاج إليها. تمرّ الأمة حاليا بفترة من انعدام الثقة العميق بالعمل العام من أي نوع كان. وهذا يتناقض مع الحاجة إلى تحقيق الوحدة الاجتماعية والتعاون في مواجهة المخاطر المتزايدة على الصعيد الاجتماعي والمادي. نتيجة هذا الصراع هو أن الخطاب العقلاني لا يمكن المضي به قدُماً وكثير من الناس يلجئون للبحث عن نهج ديني بدلا من ذلك.



عقبة إضافية للتعامل مع الأخطار هو عدم المساواة في توزيعها حسب الدخل ونوع الجنس. فقد تبين أن المرأة تتحمل العبء الأكبر من المخاطر الاقتصادية للأسرة. فالأسر التي تقودها أنثى تمثل العدد الأكبر من معظم حالات الإفلاس في الولايات المتحدة اليوم، كما وضحتها إليزابيث وارن Elizabeth Warren في مقالتها. وبيّن هاكر (2005) أيضا أن التقلب في دخل المرأة من سنة إلى سنة أكبر من التقلب في دخل الرجال. وبالإضافة إلى ذلك، وبقدر ما ترتبط بعض أهم المخاطر الأسرية بالأمراض والطلاق، فإن النساء يتحملن هذه المخاطر على نحو غير متناسب أكثر من الرجال في جميع أنحاء البلاد قاطبة.



لتحقيق وحدة وطنية يجب علينا جميعا العمل والمشاركة في تحمل عبء المخاطر. لقد كشفت مأساة كاترينا عن خط فاصل بين الدخول والعِرق كما بينت الإحصاءات المتعلقة بالفقر، ومستوى التعليم، وحالات الإفلاس، وتحمل أعباء التقلبات في الدخل. وهناك أيضا انقسام كبير فيما يتعلق بالجَنْدَر gender [المساواة بين الجنسين]. ويبدو من الإنصاف القول أن المرأة تتحمل العبء الأكبر من المخاطر الاجتماعية اليوم، كما أن المرأة تتحمل عبء تربية الأطفال الذين هم مستقبلنا ويمثلون الخير النهائي العام.



وبالإضافة إلى ذلك، فإن تحول الاقتصاد نفسه في السنوات العشر الأخيرة قد خلق أشكالاً جديدة من عدم الاستقرار. فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملموسة في تعطل الأعمال بسبب الإرهاب والأحداث الجيوسياسية، فضلا عن عولمة الإمدادات. ونحن نعرف الآن (Chichilnisky وغورباتشوف ، 2004) أن القطاعات التي تعتمد على المعرفة، مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والتمويل والالكترونيات، تولد معظم فرص العمل الجديدة، ولكنها تميل إلى تضخيم دورة الأعمال التجارية، إذ تتوسع بسرعة مقارنة مع غيرها في فترات الازدهار ولكنها تنكمش بسرعة أيضا عند انهيار النشاط في السوق، الأمر الذي يؤدي إلى الإفلاس وتسريح العمال على نطاق واسع. ولكونها القطاعات الأكثر إنتاجية في الاقتصاد اليوم، يمكن أن يُتوقع منها أن تتوسع في حين أن غيرها تذبل، فإنها تتسبب في جعل التقلبات الاقتصادية اتجاها عادياً لحركة الاقتصاد.



والتحدي أمامنا هو تسخير الحاجة العميقة للوحدة في قيم عملية، وتحقيق توافق في الآراء بشأن السياسات العامة المناسبة. ونحن بحاجة إلى إنشاء مؤسسات جديدة لتجنب أنواع جديدة من المخاطر التي نواجهها، ونسخر ما لدينا منها كي تعمل كما يجب.



ينبغي أن تبدأ هذه المهمة من الأسس المنطقية للانفصال disconnect الحالي، وبناء قاعدة أكثر عملية. نحن بحاجة إلى حل يأخذ حقيقية وقوع الأخطار الكارثية في الاعتبار. ويجب وضع الاستجابات المناسبة لها في شكل استثمار تحوطي، وأدوات مالية ومؤسسات للوقاية من الأخطار. ومع ذلك، فالمعروف أن الممارسات الحالية في علوم الاقتصاد تتجاهل الأحداث النادرة مهما كانت حقيقية وكارثية. ولابد للتفكير الاقتصادي في هذه الحالة توفير أدوات جديدة لقياس جميع أنواع الأخطار الكارثية، واستباق وقوعها والاستثمار فيها. لكن الحكمة الموروثة هنا هي جزء من المشكلة، والتفكير الجديد يجب لذاك أن يكون جزءا من الحل.



يلجأ الاقتصاديون التقليديون إلى استخدام 'المنفعة المتوقعة' لتقرير متى وكيف يتم اتخاذ الإجراءات في مواجهة عدم اليقين. هذه الفكرة نشأت قبل ستين عاما اعتماداً على بديهيات تصف كيفية ممارسة الاختيار في ظروف عدم اليقين، مستفيدة في ذلك من أعمال كبار المفكرين مثل آرو Arrow، فون نيومان Von Neumann، مورغنسترن Morgenstern وملنور Milnor. وكان لهذه الأفكار تأثير هائل في جميع أنحاء العالم، وارتباطا بها تستخدم أدوات التكاليف-المنافع بشكل روتيني في الكونغرس لتقييم المشاريع وتخصيص الأموال المناسبة لها. ولكن عند استذكار هذه الأدوات والتأمل فيها نرى أنها قللت وتجاهلت الأحداث النادرة التي قد يكون لها عواقب كارثية. وقد أدى ذلك إلى عدم القدرة على تقييم الكوارث بشكل مناسب، وتحقيق استثمارات مربحة في وقت مبكر قبل أن تقع الكارثة. هذا التفكير قد يمنعنا الآن من تقييم واقعي لهذه الأخطار، وبالتالي يحول دون الاستثمار لدعم الساحل الشرقي للولايات المتحدة، التي تواجه الآن أخطار مماثلة لتلك التي دمرت مدينة نيو اورليانز.



وقد أدى إهمال الأحداث النادرة بسبب طرائق التفكير هذه إلى توقعات متناقضة على نحو متزايد، كما أدى وبمرور الوقت إلى تأسيس حقل جديد، 'المالية السلوكية' ‘behavioral finance’، يقوم على اللايقين ويشكك في فرضيات السلوك "العقلاني" للبشر. لكن المسألة، على أي حال، لا تكمن في عقلانية الإنسان. المسألة هي أن التفكير التقليدي يغفل الأحداث النادرة، ولذلك هناك حاجة إلى أسس جديدة لتصحيح هذا الإهمال.



قبل اقتراح الحلول، وبروح من الكشف الكامل، لا بد لي من الاعتراف بأن هذا كان محور الكثير من تفكيري وعملي لعدة سنوات، وبالتالي قد يكون هناك تحيّز في تفكيري وفي تقديم الحلول. وينحو روبرت شيللر في كتابه الممتاز (2003) نحو تقديم آليات ومؤسسات مالية جديدة يمكن اعتمادها للحماية من آثار مختلف أنواع المخاطر الاجتماعية.



لقد ظهرت مسلمات جديدة تشرح كيف يمارس الناس الاختيار في ظروف عدم اليقين، وتعطي وزنا أكثر واقعية للأحداث النادرة (Chichilnisky 2000). هذه المسلمات هي مغرية بالبديهة، ويبدو أنها تتوافق، بعبارات بسيطة، مع طريقة تفكير الناس، وفي نفس الوقت توفر الحل للعديد من النتائج المتناقضة البارزة في الاقتصاد، مثل التفاوت بين العائدات على الأسهم والسندات التي تتنبأ بها النظرية مقارنة مع ما تم رصده من الناحية التاريخية.



تضم المسلمات الجديدة معايير لاتخاذ القرار تفسر الأحداث الكارثية. وتبين أننا لا نتخذ القرارات على أساس المنفعة المتوقعة وحدها، عن طريق حساب متوسط المخاطر. وبفضلها يتم الآن استهداف [إفراد] الأخطار ذات الشدة العالية وتعطى وزناً ملائماً في توقعاتنا وقراراتنا. وهذا يوفر أساسا قويا وبسيطاً لتطبيق قانون الأعداد الكبيرة للتعامل، بشكل عملي، مع عدم اليقين الواسع النطاق لدينا على المستويات المادية والاجتماعية. إنه يقترح علينا وسائل جديدة وتنظيم اجتماعي جديد، أدوات ومؤسسات مالية للتحوط ضد المخاطر الكارثية، ولتعويض الضحايا، وحتى لخلق حوافز لتقليل تأثير المخاطر في المقام الأول.



ترابط المخاطر ومقتربات جديدة للإدارة



لقد رأينا كيف أن قانون الأعداد الكبيرة المبجل، ودوره القائم منذ فترة طويلة في التفكير العلمي وفي إدارة الأعمال، يمكن أن يستخدم لإيجاد وسائل وأدوات ومؤسسات مالية جديدة، وخاصة عند التعامل مع المخاطر الكارثية.



ومع ذلك، هناك حالات يكون فيها قانون الأعداد الكبيرة محدود الاستخدام: عندما تكون الأخطار متداخلة interconnected ومترابطةcorrelated، كما هو الحال في الكوارث الكبيرة مثل التسونامي وإعصار كاترينا. نتائج قانون الأعداد الكبيرة يعتمد على الحجم النسبي لمجموعة من الأشخاص المتضررين مقارنة مع مجموع السكان، وبالتالي فإنه قد يتطلب تقاسم المخاطر بين الدول. كيف يجب أن تستجيب أمة واحدة على ذلك؟



نسخة ثانية من نفس المشكلة تنشأ مع تلك المخاطر العالمية -- مثل الاحترار العالمي – التي تؤثر على كل شخص على هذا الكوكب. التنوع البيولوجي والحصول على المياه النظيفة العالمية هي أيضاً من نمط المشاكل المتداخلة. في هذه الحالات قد لا يكون قانون الأعداد الكبيرة في حد ذاته كافياً لأن المخاطر مترابطة، وتؤثر على الجميع في نفس الوقت (Chichilnisky وأشف ، 1993). ونحن بحاجة إلى استكمال ذلك مع أدوات مالية أخرى تسمح لنا التحوط من المخاطر وفي الوقت نفسه تخلق حوافز لمنع المخاطر ذاتها. وهذا هدف طموح إلى حد ما، ولكنه مع ذلك فقد تحقق عند وضع سقف لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في دول منظمة التعاون والتنمية وخلق سوق عالمية لتجارة الانبعاثات، وهو اقتراحنا (Chichilnisky 1994 ، 1995 ، 1996 ، 2000) الذي أصبح جزءا هاما من بروتوكول كيوتو. أسواق مماثلة لهذه موجودة على المستوى المحلي كسوق المتاجرة بالمناخ في شيكاغو، وهي جزء من مجلس شيكاغو للتجارة Chicago Board of Trade. هذا الحل القائم على آلية السوق له الخصائص المطلوبة، والمتاجرة بها حضي بالقبول بموجب القانون الدولي في يناير/كانون الثاني عام 2005 عندما تم التصديق على بروتوكول كيوتو للأمم المتحدة، مما أدى إلى خلق قيمة سوقية متداولة تقدر بأكثر من 150 مليار دولار حسب آخر إحصاء.



وهناك مقترحات أخرى لأدوات مالية جديدة يمكن أن تكمل وثائق التأمين القياسية عندما لا تكون المخاطر عالمية، ولكن المخاطر لا تزال مترابطة بقوة. على سبيل المثال، "صكوك أحزمة الكوارث" ‘catastrophe bundles’ كانت من الأدوات التي ابتدعناها لهذا الغرض في عام 1997. وقد تم تداول أدوات ذات صلة، تسمى سندات الكوارث catastrophe bonds، في مجلس شيكاغو للتجارة لبعض الوقت. في مثل هذه الأنواع من المخاطر يُحتاط ضد ذلك الجزء المترابط من المخاطر المغطاة من خلال الأوراق المالية، في حين أن المخاطر المستقلة يُحتاط منها من خلال التأمين بطريقة احتراسية متوازنة.



كيف يعمل هذا؟ المخاطر المترابطة يحتاط ضدها من خلال الأوراق المالية بالاستفادة من الارتباطات السلبية لها. على سبيل المثال، معظم الزلازل في كاليفورنيا تتبعها طفرة في صناعة البناء. ولذلك يمكن خلق أوراق مالية مناسبة تستخدم للتحوط من الخطر المترابط من خلال الاستثمار في صناعة البناء والتشييد. هذا له آثار واضحة للتحوط من مخاطر الأعاصير الكارثية. جهود إعادة الإعمار في نيو اورليانز في أعقاب إعصار كاترينا سيتضمن إنفاق مئات المليارات من الدولارات من الصناديق المحلية والاتحادية والهبات الخاصة الواردة من جميع أنحاء البلاد. ومن خلال هيكلة عقود التأمين والأوراق المالية بعناية، يمكن تعويض ضحايا كاترينا عن خسائرهم المالية من خلال الترابط العكسي بين الكارثة والقيمة التي أوجدتها جهود إعادة البناء. ولكن من دون المؤسسات المناسبة والأدوات المالية، فإن من المرجح أن تذهب فوائد إعادة الإعمار إلى الآخرين، مما يفاقم المخاطر بدلا من تقاسمها. وهذا هو السبب الذي يجب أن يدفعنا لوضع أدوات مالية ومؤسسات جاهزة للاستعمال قبل أن تقع الكارثة.



وفيما يتعلق بالمخاطر الاقتصادية الناجمة عن البطالة وتقلبات السوق التي تؤثر على نحو متزايد على العائلة الأميركية (هاكر 2004 و 2005) ، فقد قدم اقتراح مؤخراً (Chichilnisky ، 2004) لإنشاء مؤسسة عامة بمشاركة 50٪ من القطاع العام و 50% من القطاع الخاص من شأنه تحزيم سندات الشركات بذات الطريقة التي تُجمّع بها فاني ماي Fannie Mae وفريدي ماك Freddie Mac الرهون العقارية. وهذا من شأنه تخصيص الأرباح التي تنشأ بفضل قانون الأعداد الكبيرة لتوفير السيولة لرأس المال المطلوب للمخاطرة لتكون في متناول الشركات الصغيرة. إن الشركات الصغيرة هي أكبر مصدر للفرص الجديدة للعمل في الولايات المتحدة ودول منظمة التعاون والتنمية والعالم ككل. مثل هذه المؤسسة من شأنها أن تساعد في ضمان تهدئة الخطر المتزايد الذي ينشأ عن التقلبات في قطاعات المعرفة في الاقتصاد (Chichilnisky وغورباتشوف، 2004).



الاستنتاجات



بمعزل عن الأدوات الإدارية المقترحة بالتخصيص، فإن الهدف النهائي هو البناء اعتماداً على مبدأ الوحدة [الوطنية] وعلى قانون الأعداد الكبيرة، وكذلك مختلف الأدوات المالية الأخرى والمؤسسات التي تضم وتجسد هذا المبدأ.



ويجب على مؤسسات القطاع الخاص أن تنخرط مع السياسة العامة بصيغ ملائمة لتعزيز المؤسسات الحالية. والهدف هو قهر المخاطر المتزايدة التي تتعرض لها الأسر والمجتمعات، ولدعم المؤسسات القائمة لتقاسم المخاطر وإعداد مؤسسات المستقبل من أجل تحقيق مكاسب للجميع.



[1] شركة وول مارت ستورز (معروفة بعلامتها التجارية وول مارت Wallmart) شركة أمريكية تدير سلسلة من المتاجر الكبيرة تبيع بأسعار الخصم. وهي من اكبر الشركات في العالم من حيث حجم الإيرادات. أسس الشركة سام والتون سنة 1962. يمكن للقارئ أن يبحث المزيد من المعلومات في الإنترنيت.


المراجع


Chichilnisky. G. and G. M. Heal, “Global Environmental Risks,” Journal of Economic Perspectives, Special Issue on the Environment, April 1993, 65- 86.
Chichilnisky, G. and G. M. Heal, “Markets for Tradable CO2 Emissions Quotas: Principles and Practice,” OECD, Paris, Working Paper No. 153, 1995. Chapter No. 10 of Topics in Environmental Economics, (ed. Bonat et al.) Kluwer, 1999.

Chichilnisky, G. “The Greening of the Bretton Woods,” Financial Times, January 10, 1996.

Chichilnisky, G. “The Trading of Carbon Emission Rights in Industrial and Developing Countries,” The Economic of Climate Change, (Jones, ed.) OECD, 1994, 159-71.

Cass, D., G. Chichilnisky and H-M Wu, “Individual Risk and Mutual Insurance,” Econometrica, Vol. 64, No. 2, March 1996, 333-341.

Chichilnisky, G. “Catastrophe Bundles Hedge Unknown Risks,” Bests Review, February 1996, 44-48.

Chichilnisky, G. “What is Sustainable Development?” Land Economics, November 1997, 73(4) 467 – 91.



Chichilnisky, G. and G. Heal “The Future of Global Reinsurance,” Journal of Portfolio Management, Summer 1998, 85-91.



Chichilnisky, G. “Catastrophe Futures: Financial Markets for Unknown Risks,” Markets Information and Uncertainty, (Chichilnisky, ed.) Cambridge University Press, 1999.



Chichilnisky, G. “An Axiomatic Approach to Choice Under Uncertainty with Catastrophic Risks,’’ Resource and Energy Economics, Vol. 22, July 2000, 221-231.



Chichilnisky, G. “Think Small if you Want to Create New Jobs,” Financial Times, May 14, 2004.



Chichilnisky, G. and Gorbachev, O. “Volatility in the Knowledge Economy,” Economic Theory, 2004.



Chichilnisky, G. and Gorbachev, O. “Volatility and Job Creation in the Knowledge Economy,” Essays In General Equilibrium Theory in Honor of David Cass, (Eds. Citanne et al) Studies in Economic Theory, 45-74, 2004.



Jacob S. Hacker, “Privatizing Risk without Privatizing the Welfare State: The Hidden Politics of Social Policy Retrenchment in the United States,” American Political Science Review 98: 2 (May 2004): 243-60



Jacob Hacker, The Great Risk Shift: The New Economic Insecurity—And What Can Be Done About It. New York: Oxford University Press, forthcoming.



Jacob Hacker, Private Communication, 2005.



Robert J. Shiller, The New Financial Order: Risk in the 21st Century, Princeton NJ: Princeton University Press, 2003.



2010/05/05

The Beginnings of Insurance & Insurance Regulation in Iraq

THE BEGINNINGS OF INSURANCE AND REGULATION OF INSURANCE ACTIVITY IN IRAQ – AN OVERVIEW


Misbah Kamal


The Arabic version of this study was published in Al-Thakafa Al-Jadida, Baghdad, No. 331, 2009, p. 44-52.

This English version was published by the Iraq History Group blog http://historyofiraq.blogspot.com/ in April 2010.


Secondary sources are not sufficient for the writing of history. Historical research requires searching for information and data from original sources. Because of the lack of such sources, we have based the writing of this paper on published material as a first attempt to present a brief outline of early insurance activity in Iraq.



This paper requires critical review by those interested in the history of insurance in Iraq, especially those who have or can access the sources.



It is not correct to say, as a matter of national pride, that insurance activity in Iraq is very old going back to the Code of Hammurabi and other ancient laws of Iraq as though the institution of insurance, in its modern form, was known in ancient times. Yet we can trace some aspects of transferring the burden of loss and compensation in old practices that these laws were enacted to regulate. Other people had also similar practices in their past. These practices come close to the insurance mechanism in mitigating the consequences of bodily injury and material damages to property as evidenced by tribal funds and other types of social solidarity like disbursement of zakat funds, charity and caring for parents. These and other forms of mutual assistance constituted a form of protection in the absence of social welfare and security provided by the modern state.



This ancient heritage did not translate itself in practices leading towards the formation of even a rudimentary institution of insurance. That heritage itself was not discovered until the twentieth century after the spread of insurance as a protection institution against risks that are inherent in human life and in collective activities. There is in fact a lack of continuity and an intellectual break with the past, which means that we were not able to take advantage of old secular and religious laws in the promotion of insurance and appreciate its importance in contemporary life. Thus, Iraq has not experienced insurance activity based on mutuality - the oldest type of insurance witnessed in the ancient world - and even the tribal fund which is a form of primitive mutuality was not institutionalized.



With the change of social structure (the emergence of a middle class, population growth, social mobility based on the growth and expansion of cities and building new roads, etc.) and the gradual decline of tribal affiliation and increasing migration from rural areas to cities the tribal fund lost its importance and was replaced by social security. Because the tribal fund is based on social custom and is not written there are no records that can throw light on the role that it has played.



Insurance activity in its modern form in Iraq did not arise because of a local economic or social need for the protection of individuals and physical assets against perils of nature and risks inherent in trade and industry, as was the case in other countries such as Britain and other Western countries. Insurance entered Iraq, as in Arab countries, through the establishment of agencies for Western insurance companies.



The foreign insurance agencies in Iraq and the Arab countries were mainly associated with foreign trade of the European metropolis, and these agencies were the primary form taken by insurance activity in the Arab countries under Ottoman rule. Marine insurance of goods was the most important type of insurance transacted by the foreign agencies but there was no shortage of insurance against the hazards of fire. This type of insurance was associated with financial institutions, such as banks, providing loans for trade financing and issuing letters of credit and requiring the borrower to provide insurance as a security.



The expansion of the insurance industry outside of Britain, for example, was linked to the spreading of British trading companies in the world, and expansion of insurance took the form of establishing agencies and branches.



An academic historian of The Sun Insurance Office, founded in 1710, states that



“One of the Sun’s first non-European markets was in the Near East, where the Crimean War [1853-1856] had turned the attention of British capitalists to what The Times called ten years later, ‘the productive wealth and commercial importance of Western Asia Minor. The first indication of the concern of British business interests with this region was the concession granted in September 1856 by the Sultan to Sir Joseph Paxton and his partners to construct a railway from Smyrna, justly described as ‘the Liverpool of the Levant’ to Aydin, 80 miles inland.”



This was followed by the establishment of the Imperial Ottoman Bank and later the establishment of two insurance agencies in 1863 by the Royal of Liverpool and the Sun Fire Office.



The writer goes on to mention the difficulties and the efforts by these two agencies to overcome the “religious prejudice (was it right to guard against disasters decreed by God?), commercial conservatism, inadequate fire-fighting methods, low standards of morality, and dangerous methods of building and manufacturing.”



The writer also mentions that in 1867 the Sun appointed an agent in Istanbul. In the early 1880s, agencies were established in Cyprus, Beirut, Alexandria and Port Said. Mosul or Baghdad or Basra were not part of this expansion until later in the twentieth century.



We did not trace the history of the expansion of British insurers to Iraq and we hope that it can be researched when sources become available. What we have shown is the tendency of British capitalism to expand abroad, including Iraq, especially after its occupation in 1917. Thus, we find that the first entry for British companies to Iraq was in the wake of the occupation.



If the experience of insurance companies in other Arab countries, Egypt for example, can be used as a guideline, one can presume that insurance against the risks of fire and life insurance was also known in Iraq.



"Insurance and assurance in the Arab World were latecomers, as their first appearance in any Middle East country occurred after the invasion and occupation of Egypt by British forces in 1882. The first class of business was life assurance. It was a small British office founded in 1845 that moved into Cairo as part of its move into countries outside the UK. This took place in the mid-1880s."



When the Insurance Companies Act of 1936 was enacted, it confirmed the presence of life insurance, as we shall describe later.



There was no national insurance company in Iraq when Faisal son of Sharif Hussein was crowned king of Iraq on 23 August 1921, the event that marked the establishment of an independent political entity by the name of Iraq under British tutelage,. Even before the First World War (1914-1918) insurance activity, in its commercial institutional form, was not known in Iraq. Bassim Faris in his encyclopaedic book on insurance in the Arab countries presumes that the introduction of insurance to Iraq, in its Western form, was at the end of 1922 after the signing of the Anglo-Iraqi agreement in October of that year. The assumption is that the great British trading houses were tracking the expansion of the British Crown in the world. This assumption is true in many cases (but there are exceptions with regard to the expansion of British insurers companies in some European countries and the United States which were not under British occupation or colonies belonging to the British Crown during the period of expansion of insurance outside Britain). But other sources indicate the validity of this date as two British companies, the Provincial Insurance Company and the Guardian Assurance Company, began work in Iraq in 1920.



The 1920s witnessed rapid and important changes represented by the formation of various state institutions, including educational and financial institutions, and population increase, especially in Baghdad. A tendency appeared in this period to expand the scope of private property and wealth accumulation through the expansion of Iraq’s links with the world markets. But these and other changes did not translate in this period by the rise of an Iraqi insurance company. A quarter of a century will elapse before such a company is established.



There is a reference in one of the tables in Hanna Batatu’s The Old Social Classes and New Revolutionary Movements of Iraq, to three foreign insurance companies in the year 1928-1929. Based on English reports, all important insurance business in 1936 was controlled by British insurance companies.



We do not have information on the laws regulating insurance activity in this period and it appears that the first Iraqi law in this regard was issued in 1936. Before then insurance in Iraq was regulated under the Ottoman Commercial Law of 23 August 1905 (21 Jumādā al-Ālthani 1323) and its Supplement the Insurance Act (Sigorta). The Sigorta was composed of 25 articles. This commercial law was influenced by European commercial codes. Thus, insurance activity at that time was subject to the Ottoman Law of Insurance Companies, al-Sigorta (this is indeed how the supplement on the reasons for issuing the Law of Insurance Companies and Agents No. 49 of 1960 refers to it).



On 1st April 1936 the Insurance Companies Act No. 74 of 1936 was issued during the second ministry of Yassin al-Hashemi (1894-1937), which did not last long (1935 to 1936), as it was ousted by Bakr Sidqi (1886-1937) in a military coup (26 October 1936), the first coup in the history of modern Iraq and in the Arab world.



This short law (no longer valid, replaced by subsequent legislation) consists of 13 articles. It is perhaps the first serious attempt to supervise the operation of local and foreign insurance activity. We first note in this law its focus on what it calls "human life" as it draws a distinction between life insurance, instalment insurance and guarantee of capital, although the so-called insurance by premiums is a form of life insurance. Article 1 in this regard reads:



"The meaning attached in this Act to the terms [below] shall be:



Life insurance is commercial business whereby contracts are made to insure the lives of human beings, including any contract to pay a sum of money at death or the occurrence of a happening related to human life as well as any contract to pay the insured persons an amount of money for a period depending on human life and



Instalment Insurance is commercial business by means of which contracts of insurance are made to pay the insured persons instalments of fixed sums depending on human life.



Capital Guarantee is commercial business by means of which contracts of insurance are made to pay in the future to the insured persons an amount or several amounts in consideration of one or several payments that they have made to the insurance company, excluding life insurance and instalment insurance mentioned above." [Emphasis by author]



We infer from this text that these types of insurance policies were known at the time, but we do not know the names of companies that were underwriting them and the social groups that purchased them and the level of the insured amounts. We also do not know the number of Iraqis who were holders of such policies.



Other types of insurance, such as fire and marine insurance are not identified in this law except that article 2 refers to "other insurance" as follows:



"A company that transacts any type of insurance business Sigorta in Iraq, whether it has an office in Iraq or is represented by an agent or [and] deposits in its name at a bank designated by the Minister of Finance:



1 - a sum of money, not less than 10,000 Dinars for life insurance or for instalment insurance or capital redemption or as a whole.



2 - a sum of money, not less than 5,000 Dinars for other insurance business."



It appears from the text that the companies referred to in the law are non-Iraqi companies ("whether it [the insurance company] has an office in Iraq or is represented by an agent") since at that time no insurance company with Iraqi capital was incorporated.



Other insurance business was defined under the Act Amending the Insurance Companies Act No. 74 of 1936 (Al-Waqa'i Al-Iraqiya, Iraqi Official Gazette, Issue 1896, 4/7/1941), where under Article 1 of the Amendment Act it was stated:



"Article 1

The following paragraph is added to the first article of the Insurance Companies Act No. 74 of 1936:



Other forms of insurance are contracts to insure against fire, accidents, accidents at work and injuries arising therefrom, loss or destruction or damage or burglary, land, sea and air transport, and dishonesty and all risks and accidents that are not expressly stated in this act."



Perhaps this law was the first in Iraq to provide for the financial solvency of insurance companies as Article 6 states that companies "at least once every three years, investigate [audit] their finances, including the assessment of debts and assets, by an accountant specialising in insurance business ..." Perhaps by a specialist accountant is meant an actuary or a chartered accountant. We may be wrong in this regard since Iraq has not had a full-time actuary working for an insurance company.



Moreover, this law may also have been the first Iraqi legislation regulating the operation of foreign insurance companies. Article 7 in this regard states:



"No foreign company is permitted to transact in Iraq life insurance business or instalment insurance or guaranteeing capital unless it has a subscribed capital equivalent to at least one hundred thousand dinars."



This article was slightly modified under the Act Amending the Insurance Companies Act No. 74 of 1936:



"Article 5

The provisions of Article 7 of the said Act is cancelled and replaced by the following:



It is not permissible for a foreign company in Iraq to transact any type of insurance provided for in the first article of this act unless it confirms that it has a paid up capital equivalent to at least one hundred thousand dinars."



The focus of the amendment was to replace the subscribed capital (authorized capital subscribed by the shareholders in the company) with a paid-up capital (amounts paid by the shareholders for their subscribed share). The emphasis on the paid-up capital is a matter of ensuring that the insurance company is financially solvent to operate and meet its liabilities.



After the enactment of the Insurance Companies Act No. 74 of 1936, the Licensing of Insurance Companies’ Agents Order No. 25 of 1936 (the Iraqi Official Gazette, Issue 1522, 6/18/1936) was issued. This order included five articles:



"Article 1

The license provided for under Article 8 of the Insurance Companies Act No. 74 of 1936 to engage in agency for an insurance company must meet the following conditions:



1 - The agent must have an agency conferring on him a legal status...



2 - The Agent must:



A - be 21 years old

B - is not convicted of a felony or misdemeanour involving moral turpitude.

C - is not bankrupt unless rehabilitated.

D - known for his integrity and good conduct.

E - registered with the Chamber of Commerce.



This order was amended by the Order Amending the Licensing of Insurance Companies’ Agents No. 25 of 1936 (Iraqi Official Gazette, 30 May 1938). The focus of the amendment was paragraph 2 of Article 1, which cancelled paragraph 2 of Article 1 and replaced it by the following paragraph:



"2 - the agent must be:



A – a juridical person whose juridical personality is admitted under Iraqi laws in force and registered with the Chamber of Commerce.



B - a natural person, 21 years of age, known for his integrity and good conduct and not convicted of a felony or a misdemeanour involving moral turpitude or bankruptcy unless rehabilitated and is registered with the Chamber of Commerce."



The importance of this amendment lies in the recognition of the insurance agent as a juridical person in addition to the agent as a natural person. This indicates either a development in transacting insurance business within a two-year period or the legislator paying attention to a shortcoming in the order regulating the licensing system of insurance companies’ agents.



Article 3 of the Licensing of Insurance Companies’ Agents Order No. 25 of 1936 defined the conditions for suspending the license of the insurance company or agent:



"Article 3

1. the Minister of Finance shall suspend the license granted under the first article of this Order for a period not exceeding six months or cancel the license in the following circumstances:



A - If the company or its agent violated in any way the provisions of law No. 74 of 1936.



B - if it is conclusively proven that one of the policyholders insurance in Iraq has submitted an undisputed claim against the insurance company and the company or its agent neglected it for a period of ninety days or if the agent or the company declined the implementation of a peremptory judgement.



C - If the company's financial position falls requiring increasing the guarantee or the value of bonds used in lieu of a guarantee falls and the company or its declined to effect the increase.



2. The Minister of Finance shall reinstate the license if the provisions of the law mentioned above are implemented within sixty days from the date of suspension or revocation [of the license].



3. The license is nullified if the agent does not meet one of the conditions set forth in the first article of this order."



We note that the suspension of the license is based on three conditions (violation of the provisions of the Insurance Companies Act No. 74 of 1936, ignoring the rights of policyholders and decline in the financial position of the insurance company requiring increase in the security guarantee). These conditions are intended to protect the rights of the insured except that the text, as it is, does not elaborate with respect to recovery of such rights from the insurance company breaching the provisions of the law. Moreover, the text does not mention the imposition of a fine on the company in breach of the law.



Thus began the early regulation of insurance activity in Iraq. The subject deserves further research.



London March 2010