إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2010/03/30

British Insurance Activity 1979-2009

رحلة في طريق الذكريات
استعراض لثلاثين سنة من النشاط التأميني في بريطانيا
1979-2009

A Trip Down Memory Lane
Tony Cornell

توني كورنيل

نشرت هذه المقالة في مجلة Insurance Age  أيار/مايو 2009، وهي مجلة شهرية تهتم أساساً بوساطة التأمين في المملكة المتحدة، قدمتها هيئة تحرير المجلة بالعبارة التالية:

"يقدم الكاتب توني كورنيل نظرة استعادية على التغيرات التي طرأت على صناعة التأمين -- ولا سيما في قطاع الوساطة -- على مدى السنوات الـ 30 الماضية، منذ عهد مارغريت تاتشر، وبطبيعة الحال، منذ إطلاق مجلة "Insurance Age

ترجمنا هذه المقالة للنشر في المدونة لأنها نموذج يمكن الاستفادة منه للكتابة الصحفية عن تاريخ التأمين في العراق، عدا أنها توفر مسحاً سريعاً للنشاط التأميني في المملكة المتحدة. ربما يعرف زملاؤنا القدامى العديد من أسماء شركات التأمين والوساطة الواردة في هذه المقالة والتي اختفت الآن من الساحة بفعل عمليات الاستحواذ والاندماج. ونود التنبيه إلى أن كاتب المقالة يركز اهتمامه على النشاط التأميني داخل المملكة المتحدة مع إشارات هنا وهناك إلى دور شركة التأمين وإعادة التأمين والوسطاء على المستوى العالمي.

مصباح كمال
لندن آذار 2010

في عام 1979، تم انتخاب مارغريت تاتشر رئيسة للوزراء في المملكة المتحدة، وقتها كان جيمي كارتر رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وآية الله الخميني كان قد وطد أقدامه في إيران، وكانت روديسيا [زيمبابوي] لا تزال تحت السيطرة المباشرة من جانب المملكة المتحدة. كما أن اللورد مونتباتن[1] Lord Louis Mountbatten وإيري نيڤ[2] Airey Neave‏ كانا قد قتلا على يد الجيش الجمهوري الايرلندي. وأصبح تريفور فرانسيس Trevor Francis أول لاعب كرة قدم بلغ أجره مليون جنيه استرليني، وغلب فريق ارسنال فريق مانشستر يونايتد في نهائي كأس الاتحاد الانجليزي، وفاز السويدي بيورن بورغ ببطولة ويمبلدون للتنس. وتصدرت أغنية واي إيم سي أي YMCA لفرقة ڤيليج پيپول Village People قمة أغاني الپوپ، وأنتج أول قرص مدمج، وافتتح  أول شاطئ للعراة في برايتون في بريطانيا وأطلق أول عدد من مجلة التأمين Insurance Age

وقد تغير الكثير في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين في المملكة المتحدة وفي قطاع التأمين. في ذلك الوقت، كانت هناك ثلاث هيئات تمثل وسطاء التأمين: هيئة وسطاء التأمين (كوربوريشن أوف إنشورنس بروكرز)، والتي كانت تمثل الوسطاء المنتشرون في أرجاء الوطن البريطاني وكذلك كبار الوسطاء في لندن، وجمعية وسطاء التأمين (أسوسيشين أوف إنشورنس بروكرز)، والتي تمثل الوسطاء متوسطي الحجم والوسطاء المنتشرين في مقاطعات خارج لندن، واتحاد وسطاء التأمين (فيدريشن أوف إنشورنس بروكرز)، والتي كانت تضم شريحة صغار وسطاء التأمين. الوسطاء الأصغر حجماً من كل هؤلاء ظلوا خارج هذه التجمعات، واختاروا ألا يكونوا جزءا من أي تنظيم. هل هذا هو الاتجاه الذي ستسير عليه صناعة وساطة التأمين مرة أخرى؟[3] فقد مرت 10 سنوات أخرى قبل أن تتأسس جمعية وسطاء التأمين البريطانية (بريتش إنشورنس بروكرز أسوسيشين، المعروفة اختصاراً باسم بيبا BIBA) كهيئة واحدة لهذه الصناعة.

كانت الوساطة عام 1979 تخضع لهيمنة عدد من الشركات الكبيرة: ستينهاوس Stenhouse‏ ، شيبتون Shipton، هوغ روبنسون Hogg Robinson، بينز Bains ، غلانفيل إنتوڤن Glanville Enthoven ، باورنغ ‏Bowring ، سيدجويك Sedgwick ، پرايس فوربس Price Forbes ، مينيت Mine، هولدر Houlder‏ ، ليزلي وغودوين Leslie and Godwin ، وُيليس Willis ، لاوندز لامبيرت Lowndes Lambert‏ ، وهلم جرا. كانت هذه شركات كبيرة في المملكة المتحدة وتعمل في جميع أنحاء العالم ولها الدور المهيمن في أرجاء الإمبراطورية البريطانية القديمة. كانت هذه الشركات في وضع مرموق وتعتاش من الموقع الفريد للويدز كسوق عالمي فريد حقاً للتأمين. وكانت عمولات الوسطاء خاضعة لرقابة شديدة وتلتزم معظم شركات التأمين بمقياس للعمولات يخضع للتغير وفقا لنوع الوسيط. وسطاء التأمين الكبار كانوا يحصلون على عمولة عالية بفضل تحملهم لأعباء العمل، وعمولة إضافية كانت عادة حوالي 1٪ تعرف باسم postages‏ تمنحها شركات التأمين كأجر أضافي لقاء خدمات الوسيط.

ألغيت التعريفة الخاصة بتأمين أعمال الأخطار الشخصية في أوائل عقد سبعينات القرن الماضي إلا أن عقود التأمين التجاري ظلت خاضعة لكارتل [اتحاد احتكاري] بين شركات التأمين وكان التأمين ضد الحريق، وتعطل الأعمال، ومسؤولية رب العمل والتأمين الهندسي[4] يجري حسب سعر السوق.

كل من سمى نفسه وسيطاً للتأمين أصبح خاضعاً لرقابة مجلس تسجيل وسطاء التأمين Insurance Brokers Registration Council (IBRC)، والذي بدأ مهامه في عام 1977، وعلى أثر ذلك اختار وسطاء التأمين الصغار التعريف بأنفسهم كاستشاريين أو مقدمي الخدمات التأمينية للتهرب من مطالب الخضوع لرقابة المجلس. في هذه الفترة كانت هناك محافظ كبيرة من الأعمال تتعامل معها شركات التأمين مباشرة وليس من خلال الوسطاء، إلا أن هذا الوضع تغير بسرعة بعد أن ترك الموظفين الرئيسيين في شركات التأمين وظائفهم لإنشاء شركات الوساطة وبدأت شركات التأمين بإعادة تنظيم قنوات الإنتاج. وما ساعد وسطاء التأمين على النمو هو الاستفادة من حركة انتقال الأعمال المباشرة. لقد كانت هذه التغيرات جيدة تصب في صالح الجميع.

لم تكن أجهزة الكمبيوتر في الحقيقة في تلك السنة أدوات هامة ولكن مايسيس[5] Misys كانت قد بدأت تواً في مدينة ورستر Worcester مثلما بدأ تقديم عروض الأسعار المقارنة لتأمين السيارات.

رغم النمو السريع للمحلات متعددة الفروع لبيع السيارات على خلفية جهود التسويق إلا أن التأمين على السيارات كان ما يزال مجزأ وقسم كبير منه كان يباع مباشرة والباقي عن طريق الوسطاء المنتشرين في الشوارع الرئيسية وتلك القريبة من التجمعات السكنية. أما تأمين المساكن فأنه كان تحت هيمنة جمعيات بناء المساكن إذ كان التأمين مرتبطاً مع قروض الرهن العقاري. ومع ذلك، فإن شركات التأمين كانت لا تزال تؤمن مباشرة على جزء كبير من أعمال تأمين المساكن أو عن طريق وكلاء بدوام جزئي. ولم يكن وسطاء التأمين يتمتعون بحضور قوي في هذا القطاع. ولم تظهر بعد نماذج متطورة للتسعير وكان المعتاد تطبيق سعر واحد في جميع أنحاء المملكة المتحدة.

احتكار السوق

كان هناك عدد من شركات التأمين الكبرى وكان الأبرز بينها رويال (Royal)، كوميرشيال يونيون (Commercial Union (CU)) ، فينيكس (Phoenix)، إيغل ستار (Eagle Star)، صن ألاينس (Sun Alliance)، جي آر إي (GRE)، بروڤينشيال (Provincial)، جنرال أكسيدنت (GA- General Accident) ، كورنهيل (Cornhill) ونوريچ يونيون (Norwich Union). وكان هناك أيضاً عدد من الشركات المتخصصة والصغيرة. وكانت الشركات منقسمة بين شركات التأمين المنضوية في الكارتيل وتعمل ضمن نظام التعريفة والشركات التي لا تلتزم بتعريفة الكارتيل ومنها إيغل ستار وجنرال إكسيدنت التي كانت تحسم الأسعار بنسبة 10٪. كانت المنافسة بين الشركات موجودة ولكن ليس بالقدر الذي هي عليه اليوم فمعظم الأعمال كانت تسعر على أساس انتظامها في فئة معينة ولكن وثائق التأمين المجمعة package policies كانت قد بدأت بدخول السوق مع التراخي في تطبيق قواعد التعريفة على الأخطار الصغيرة. وبفضل التعريفة فإن دورات السوق لم تكن معروفة، لذلك كان من السهل التخطيط للأعمال مثلما كانت الربحية قابلة للتنبؤ إلى حد ما – وباختصار كان العمل أسهل في مثل هذا السوق.

وهكذا تغيرت هذه الصناعة في 30 عاما من حالة فضفاضة إلى درجة عالية من التنظيم الرقابي، تحولت من قطاع متجزئ إلى قطاع يهيمن عليه عدد أقل من الشركات، وانتقلت ملكيته من المملكة المتحدة إلى شركات من الخارج، وتغيرت صفته من قطاع مهني مهذب (جنتلمانى) مع حد أدنى من الدورات الاكتتابية إلى قطاع يخضع لدورات من التقلبات الاكتتابية وللتنافس الشرس، من توقيع الاكتتاب بقلم ريشة إلى صناعة مُحوسبة تقودها التكنولوجيا، مثلما شهدت الصناعة انتقال إدارة التأمينات الشخصية إلى وسطاء التأمين لتعود ثانية إلى شركات التأمين للاكتتاب بها مباشرة. وكذلك النفوذ والقوة التي انتقلت من شركات التأمين إلى وسطاء التأمين في عموم الوطن البريطاني ثم عادت إلى شركات التأمين ومن ثم مرة أخرى تركزت لدى وسطاء التأمين الكبار. وخلال هذه العقود الثلاثة قامت مجلة Insurance Age بتغطية جميع هذه التغيرات. أدناه سنعرض بشئ من التفصيل أهم هذه التغيرات.

تجزئة السوق بين عدة شركات شهدت دمجاً فيما بينها عام 1979 على ثلاث دفعات: الأولى شملت شركات وساطة التأمين المنتشرة في أرجاء بريطانيا في مطلع ومنتصف تسعينات القرن العشرين، ثم الدمج بين شركات التأمين في أواخر عقد تسعينات القرن الماضي وأوائل عام 2000، وأخيرا الاندماج في قطاع الشركات المستقلة من 2003-2008.

الدمج بين شركات وساطة التأمين الوطنية كان المحفز لها عولمة الأعمال التجارية، وظهور الولايات المتحدة كقوة اقتصادية مهيمنة وتراجع إنتاج الصناعات التحويلية البريطانية. حتى ذلك الحين كان وسطاء التأمين في المملكة المتحدة يستمتعون بمكانتهم، وكانت وشركاتهم تديرها نخبة مغلقة في السوق، وازدهرت على خلفية المكانة التي كانت تتمتع بها لويدز والإمبراطورية البريطانية. وبسبب هذه التغيرات أصبحت هذه الشركات غير قادرة على التنافس ضد شركات أخرى لها القدرة أن تنمو بقوة على خلفية السوق الأمريكي الضخم.

في البدء كان هناك بعض الدمج بقيادة شركة الوساطة ستينهاوس Stenhouse‏، ولكن بعد ذلك ظهر على الساحة شركتي أيون Aon ومارش Marsh وتدشين معركتهما من أجل الهيمنة على سوق الوساطة في العالم، واكتساح عدد من الشركات المعروفة المذكورة أعلاه. اشترت شركة ويليس Willis شركة وساطة أميركية كبيرة لتستطيع الاستمرار على المنافسة ولكن ويليس نفسها تم شراؤها من قبل شركة أمريكية للأسهم الخاصة، كيه كيه آر KKR، وأصبحت أسهمها في نهاية المطاف مدرجة في سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة. جي إيل تي JLT انبثقت عن جاردين ماتيسون Jardine Mathieson، وهي شركة أعمال في هونغ كونغ، لتكون القوة الرابعة في سوق الوساطة [بعد مارش وأيون و ويليس]. كما أن شركة أخرى في الشرق الأقصى، إتش إس بي سي HSBC، أصبحت شركة دولية للوساطة. بحلول نهاية القرن العشرين اكتمل استسلام شركات وساطة التأمين في المملكة المتحدة لشركات أخرى في الخارج.

شركات التأمين في المملكة المتحدة كانت هي الأخرى مستغرقة في ذات العولمة. وبسبب ضعف نتائج أعمالها في تسعينات القرن العشرين ولضعف قدرتها في التنافس في السوق العالمية، سعت هذه الشركات إلى الارتباط مع شركاء آخرين لزيادة حجم ونطاق أعمالها. بين عامي 1998 و 2002 ، اندمجت رويال وصن ألاينس لإنشاء اكبر شركة تأمينات عامة في المملكة المتحدة قبل أن تزايد عليها في هذا الدور الاندماج الذي قادته شركة كوميرشيال يونيون في البدء مع جنرال إكسيدنت ثم مع نوريچ يونيون لتشكيل شركة خدمات مالية [بما فيها التأمين] باسم افيفا Aviva.. بعدها اشترت شركة أكسا Axa شركة بروڤينشيال ثم جي آر إي GRE لتصبح ثالث أكبر شركة تأمين في بريطانيا. واشترت شركة زيوريخ إم إم آي MMI لتصطف جنبا إلى جنب مع شركة إيغل ستار. واكتفت أليانز بالنمو العضوي لشركة كورنهيل رغم أنها ورثت NEM‏.

لدينا الآن افيفا، رويال صن ألاينس، زيورخ، أكسا و اليانز كقادة سوق في المملكة المتحدة. وطالت موجة الاندماج لويدز إذ اندمج عدد من النقابات الاكتتابية وازداد بفضله نموها. شمل الاندماج نقابات بريت Brit، آملين Amlin‏، هسكوكس Hiscox‏ وهلم جرا -- لتصبح شركات رئيسية في المملكة المتحدة. وبدلا من إحداث سوق حميمة يخضع لهدف مشترك متمثل بتحقيق ربح تجاري، فإن الاندماجات خلقت وضعاً أكثر تنافسية بين الشركات وصارت كل شركة حريصة على زيادة حصتها من السوق.

ثورة في التوزيع

في عام 1998، أسس بيتر كَلَمْ Cullum‏Peter شركة تاور غيت Towergate‏ كوسيلة لتحقيق اندماج بين شركات وساطة التأمين المستقلة. في البداية ، كان الهدف هو بناء نظام للوساطة يستخدم الخبرة الاكتتابية المتوفرة له لتأجير رأس المال من شركات التأمين. نجح هذا المشروع وفي عام 2002 انتقلت تاورغيت إلى شراء وسطاء تأمينات عامة لتصبح قوة رئيسية في أعمال التأمين الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتأجيج ثورة في توزيع المنتجات التأمينية في المملكة المتحدة. ومنذ ذلك الحين انتقلت الشركة إلى الاستحواذ على شبكات التوزيع وشركات البرمجيات. وأظهرت لشركات الأسهم الخاصة private equity companies أن هناك عوائد جيدة من وساطة التأمين، وشجعت أصحاب المشاريع الأخرى للشروع في عمليات توحيد وإدماج مماثلة.

وتنافست شركات التأمين فيما بينها للمحافظة على مركزها باعتبارها من اللاعبين الرئيسيين من خلال زيادة العمولات، مساهمة بذلك في تأجيج مزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ. فالشركات العشرة المستقلة في المرتبة العليا التي كانت تسيطر على أقل من 400 مليون جنيه استرليني‏ من أقساط التأمين زادت من حصتها في السوق إلى أكثر من 3 بليون‏ جنيه استرليني خلال خمس سنوات من النشاط المحموم في عمليات الاستحواذ. هذه الشركات، جنبا إلى جنب مع الشركات العالمية، تسيطر حاليا على 75 ٪ من سوق التأمين التجاري. الآن فقط أخذت أزمة الائتمان بقمع شهية الاندماج والاستحواذ وعودة السوق إلى حالته السوية. ومع ذلك، فإن صناعة التأمين قد تغير إلى الأبد.

في عام 1988، وبتمويل من رويال بنك أوف سكوتلاند، بدأ بيتر وود Peter Wood شركة الخط المباشر Direct Line للاكتتاب بالتأمين المباشر للسيارات باستخدام التسويق والتسعير عبر الهاتف. وكانت صناعة التأمين متشككة للغاية في ذلك الوقت من هذا المشروع لكن الشركة الجديدة استطاعت الاستفادة من ضعف أعمال اللاعبين الرئيسيين، بزيادة حصتها في السوق بسرعة عن طريق الاستغناء عن الوسيط. كان هناك هدوء نسبي في النمو في أواسط تسعينات القرن الماضي حيث كافحت شركات التأمين التقليدية عن طريق الوسطاء ولكن هذا الكفاح لم يكن قابلاً للاستمرار وبدأ النمو مرة أخرى مؤدياً إلى تحول معظم شركات التأمين الكبرى من التركيز على وسطاء التأمين إلى البيع المباشر. هذه الخطوة أججت حرباً بين بعض شركات التأمين وشركات الوساطة مع توجيه جمعية وسطاء التأمين Institute of Insurance Brokers الحملة ضد جنرال أكسيدنت، ودعوة وسطاء التأمين إلى مقاطعتها. كسبت الجمعية المعركة ولكن في النهاية خسرت الحرب.

أعمال تأمين السيارات المباشر تشكل حاليا نحو 60٪ من السوق وشركات الوساطة المستقلة لا تشغل إلا موقعاً ضئيلاً في تأمين السيارات. ثم هناك الشركات التجارية المعروفة باسمائها Brandassurers‏ مثل متاجر الخدمة الذاتية (سوبر ماركت) ومنها تيسكو و Kwikfit‏ (المتخصصة بالاستبدال السريع لقطع غيار السيارات وتصليحها) التي أخذت تتعاطى بالتأمين المباشر. والآن أصبح الانترنت هو الوسيلة الأساسية لبيع التأمين ويغذيه ابتكارات مُجمعي التأمين aggregators [بوابة إلكترونية توفر البحث السريع على أفضل الأسعار وتمكين العميل من الحصول على عدة عروض عن طريق البوابة. ويقوم مُجّمِع التأمين بإبرام الاتفاقات مع عدد من شركات التأمين لتوفير عروض مقارنة يشتري العميل أفضلها]. جميع أعمال التأمين على السيارات في ستينات القرن العشرين كانت تبرم مباشرة بين طالب التأمين وشركة التأمين لكنها انتقلت إلى الوسطاء في سبعينات وثمانينات القرن العشرين‏ وانتقلت الآن إلى البيع المباشر من قبل شركات التأمين مرة أخرى.

تأمين المساكن شهدت نفس انتقالات تأمين السيارات ولكن ليس بالقدر نفسه. أما تأمين الأخطار التجارية الصغيرة فانه الآن يُظهر اتجاها مماثلا.

أظهرت هذه التطورات أن شركات وساطة التأمين وبشكل عام أنها تعاني من البطء في اعتماد التكنولوجيا وأساليب التسويق الجديدة، وأنها تفتقر إلى المهارات والموارد اللازمة للتنافس ضد لاعبين، ناشئين أو تقليدين، أكثر دينامكية وأكبر رأسمالاً. ومن المشكوك فيه إذا كان النظام القديم، الذي تميز بهيمنة الوسطاء، سيعود إلى السوق.

لم يشهد قطاع وساطة التأمين إلا عدداً قليلاً جدا من الفضائح على مر السنين. ومعظم الوسطاء يميلون إلى تقديم أكثر، وليس أقل، مما هو مطلوب من خدمات لعملائهم، وإذا أفلس أحدهم أخذت شركات التأمين على عاتقها سد الفراغ. لقد كان وسطاء التأمين يحضون دائما بتقدير كبير من قبل شركات التأمين. فمن الصعب أن نرى، بالتالي، من أين ظهرت الحاجة لإخضاعهم لإشراف تنظيمي. في البدء قامت رابطة شركات التأمين البريطانية (أي بي آي Association of British Insurers) من خلال أعضائها (شركات التأمين) بتنظيم وسطاء التأمين غير المسجلين وإخضاعهم لمدونة قواعد الممارسة Code of Practice المعتمد من الرابطة. ثم، وبدفع من الحكومة، أنشأت مجلس معايير التأمينات العامة General Insurance Standards Council للإشراف على جميع الوسطاء قبل أن يتم تسليم شؤون الرقابة فجأة إلى هيئة الخدمات المالية Financial Services Authority.

الدافع للتنظيم الرقابي كان قيام حرية تقديم الخدمات في الاتحاد الأوروبي EU Freedom of Services ، التي سمحت بالتجارة عبر الحدود، وعلى الرغم من هيمنتها على تفكير المعنيين بشؤون التأمين، فإنها لم تكن ذات صلة وثيقة بالوضع في المملكة المتحدة. نتيجة لذلك، فقد زادت التكاليف زيادة كبيرة مما دفع صغار الوسطاء إلى الخروج من السوق وبالتالي الحد من المنافسة في حين تعاظمت الزيادة في البيروقراطية داخل الصناعة. ومن الصعب قياس الفوائد للعملاء نتيجة هذا التطور فهم يستلمون المزيد من الأوراق ويتعرضون إلى المزيد من الأسئلة التي تطرح عليهم، ولكن من المشكوك فيه إذا كان العملاء يحصلون على خدمات أفضل مما كانت عليه في تسعينات القرن العشرين قبل إدخال النمط الجديد من القواعد الرقابية. لقد هيمنت الرقابة على الصناعة لمدة 15 عاما وما زالت تحتل المزيد من مساحة عنوان أي موضوع آخر.

نسق العودة إلى البداية

شهدت السنوات الثلاثين الماضية دورات تأمين مطردة تتغير كل خمس أو ست سنوات، فالدورات الاكتتابية المتشددة تتبعها أخرى ليّنة، تؤدي إلى تقلبات في الأسعار وفي الأغطية المتاحة. هذه التقلبات هي التي تدفع العملاء للجوء لوسطاء التأمين. ففي أعقاب تفكيك تعريفة السيارات في الستينات تحولت أعمال التأمين على السيارات التجارية إلى الوسطاء بفضل توفر مجموعة ضخمة من الخيارات المعقدة أمام طالبي التأمين. أنماط مشابهة لذلك برزت في تأمين أعمال الحريق، ومسؤولية أرباب العمل والتأمين الهندسي مع اختفاء التعريفات في الثمانينات.

في التسعينات نشأت بيئة أكثر استقرارا لتسعير تأمين فرعي السيارات والمساكن‏ مما أدى إلى الابتعاد عن وسطاء التأمين. وشهدت الفترة 1993-1999 سوقاً هو الأكثر ليونة ارتبط بارتفاع أسعار الفائدة، وفائض في عرض رأس المال وازدهار سوق الأسهم. أعقب ذلك سوقاً هو الأكثر تشدداً من أي وقت مضى من 2001-2005 نجم عن انهيار شركة إنديبيندنت إنشورنس Independent Insurance، والعمل الإرهابي في 9/11 (11 أيلول 2001)، وانهيار سوق الأسهم عام 2002.

نحن الآن في فترة تحول نحو سوق متشدد بالارتباط مع شحة الائتمان ورأس المال، على الرغم من أن التفكير الحالي هو أن التشدد سيكون ملطفاً بدلا من أن يكون مفرطاً. إن الاندماجات الرئيسية بين شركات الوساطة المستقلة تحققت عندما كان سوق التأمين خاضعاً للتشدد (إذ أن الدورات الاكتتابية تحدد أيضاً مدى ربحية الوسطاء وجاذبيتها للمشترين)، لكن موجة الاندماج قد هدأت الآن. رغم ذلك، قد تكون هذه فترة هدوء قبل العاصفة التي قد تؤجج، مع ارتفاع أسعار التأمين وازدياد توفر رأس المال، مجموعة من عمليات الاستحواذ بين شركات التأمين والوسطاء.

في 30 عاما من عمرها قامت مجلة Insurance Age بتغطية هذه التغيرات بالإضافة إلى غيرها الكثير. ومن الأهمية بمكان أن يكون لدى قطاع التأمين صحافة مستنيرة تتميز بالحيوية والاستقلال. عندما بدأت المجلة، لم يكن هناك سوى مجلة پوست Post Magazine، والتي كانت ميالة للتحدث باسم شركات التأمين صاحبة النفوذ-- الآن قطاع الوساطة له الدور الأعظم والأكثر أهمية القارئ المهتم. انه لأمر جيد لهذه الصناعة أن هناك الآن خمسة أو ستة مطبوعات مختصة بصناعة التأمين وكلها تتنافس للحصول على الأخبار، وآراء القراء وزيادة أعدادهم. على مدى السنوات الثلاثين القادمة، فإن صناعة التأمين ستغير نفسها مرات كثيرة، ونأمل أن مجلة Insurance Age ستواصل تغطية الأحداث فور حدوثها.

توني كورنيل
كورنيل للاستشارات


[1]اللورد لويس مونتباتن (1900-1979) اغتيل وهو يصطاد في قارب خشبي قرب قرية ايرلندية في آب عام 1979. وهو ابن عم ملكة المملكة المتحدة الحالية.

[2]أيري نيڤ (1916-1979) وزير شؤون إيرلنده الشمالية في حكومة الظل البريطانية، نائب من حزب المحافظين، اغتيل في آذار عام 1979 عند خروجه من مرآب سيارات مجلس العموم بلغم موضوع في سيارته. كان معروفاً بتشدده في الإجراءات ضد الجيش الجمهوري الايرلندي.

[3]يقصد الكاتب شرذمة الهيئات التي ينتظم وسطاء التأمين في عضويتها.

[4]ينصرف تعريف التأمين الهندسي تقليدياً في بريطانيا إلى التأمين على عطب المكائن والمراجل وأوعية الضغط والرافعات وغيرها من المعدات الميكانيكية والكهربائية. ولا يزال هذا التعريف سائداً رغم الجمع بينه وبين التأمين على الإنشاءات.

[5]تأسست شركة مايسيس عام 1979 كواحدة من الشركات المتخصصة في توفير نظم الكمبيوتر في المملكة المتحدة لشركات وساطة التأمين.




2010/03/29

تحليل مضمون بعض نصوص اتفاقيات إعادة التامين لسوق التأمين العراقي - 2004- 2010

مروان هاشم

مدخل

هي محاولة قد تقترب من المغامرة غير المحسوبة لان من يريد البحث في هذا الموضوع عليه أن يكون على دراية واسعة بمفاهيم التامين وإعادة التامين، إضافة إلى ممارسته العملية. هذا من جانب. ومن جانب آخر، قدرته على تحليل النص القانوني وتحديد مزاياه وإشكالياته، ومع الاثنين قدرة عالية على الترجمة القانونية من اللغة الانكليزية إلى العربية وهذا ما لا ادعيه. ومن يقدر عليه قد يحتاج إلى تعاون مجموعة من المختصين. لذا فان ما أقوم به لا يعتبر دراسة شاملة للموضوع إنما فقط كتابة بعض الملاحظات عن النص القانوني لفقرات أخذت كأمثلة، وأدعو الآخرين إلى المساهمة في التحليل أو، على الأقل، الانتباه إلى فحوى هذه النصوص.

في البداية، يعتبر النص القانوني لاتفاقيات إعادة التامين (عقد إعادة التامين) هو تدوين للاتفاق الحاصل بين الطرفين (المعيد والشركة المسندة) يتمثل في هذا النص الذي يبين، وبأبعد مدى، تفاصيل هذا الاتفاق والتزامات كل طرف فيه. وبشكل عام، تلتزم الشركة المسندة بدفع حصة المعيد من الأقساط الذي بدوره يلتزم بدفع حصته من التعويضات المدفوعة. ومن المؤكد أن هذه الالتزامات غير مطلقة إنما تحددها شروط هذا العقد.

ومن ناحية أخرى، من الممكن أن يساعدنا هذا التحليل معرفة مدى نجاح المفاوض في الوصول إلى نص يمثل توازنا معقولا لمصالح الطرفين على أساس انه مرآة عاكسة للوضع الحقيقي لكل منهما. وبما أن هذه النصوص غير مقدسة فمن الممكن وضع خطة مستقبلية لتحسين حال سوق التامين العراقي من الناحية الفنية والرقابية مدعمة بالتغييرات العامة (السياسية والاقتصادية في العراق) تساعد المفاوض العراقي على المطالبة بتغيير هذه النصوص نحو الأفضل.

وقبل الدخول في تفاصيل هذا البحث أؤكد بأن المقصود هو سوق التامين العراقي وليس شركة من السوق بعينها. وسأبين، من خلال أمثلة، ملاحظاتي لممارسات تطبيقية على النص مع مقارنات مع نصوص دولية أو نصوص سابقة للسوق العراقي لغرض بيان مزايا وإشكاليات النص الحالي.

الملاحظة الأولى: تجنب العبارات المبهمة

(it is very important to avoid vague description)

"من المهم للغاية تجنب العبارات المبهمة." (1)

هذه جملة مقتبسة من كتاب قواعد التامين لفروع التامين عدا الحياة وهو من إصدار شركة إعادة التأمين السويسرية وقد اقتبسناه لنؤكد على ما نشعر به من غموض في نصوص الاتفاقية. العبارات المبهمة هي حالة لا تقتصر على اتفاقيات السوق العراقي بل هي مشكلة عالمية لذا أشار إليها أشهر واهم معيد تامين في العالم والذي عبر فيها عن تجربة الشركة لأكثر من مائة وثلاثون عاما. ولنأخذ مثالاً من السوق العراقي في نص اتفاقية البحري حول هذا الموضوع.

"المجال الإقليمي للاتفاقية (الجغرافي)

الأعمال التي تكتتب بها الشركات المسندة / قسم البضائع والتي تغطي المصالح العراقية في كافة أنحاء العالم بضمنها النقل الداخلي."

تحليل النص:

هذا الكلام غامض جدا لان الاتفاقية لا تغطي المصالح العراقية في النقل البري خارج العراق (تم تعديل هذا النص بإضافة النقل في دول الجوار مؤخرا) أي أن البضاعة المنقولة عبر ميناء بيروت سوف لن تكون مغطاة بهذه الاتفاقية خلال رحلتها البرية عبر الأراضي اللبنانية أو نقل البضاعة من روسيا – أوكرانيا- تركيا إلى مدينة أربيل. التغطية تبدأ من الحدود العراقية ومؤخرا من الحدود التركية.

كان الأفضل القول: تغطي المصالح العراقية من الميناء إلى الميناء والنقل البري داخل العراق والدول المجاورة. وإذا ادعى احدهم بأن هذا ممكن استنتاجه بسهولة بعد الاطلاع على تفاصيل نص حدود مسؤولية الاتفاقية، والتي تبين المسؤولية في النقل البحري والنقل البري الداخلي، فأنا أؤكد بقاء الغموض في النص الأول والثاني لأن الاستنتاج من تفاصيل حدود مسؤولية الاتفاقية على الأخطار المغطاة وما عداه سيكون غير مشمول يظل ملتبساً، فاعتماداً على هذا الاستنتاج فإن تامين النقل الجوي غير مغطى علما بان الشركات المسندة وشركة إعادة التأمين العراقية، راعية هذه الاتفاقية، تسند أقساط أخطار النقل الجوي إلى الاتفاقية.

هناك طريقتان لحل هذه الإشكالية. الأولى، هو كما أكدنا، ضمان وجود نص صريح وواضح يبين التغطية والاستثناءات. وطريقة ثانية يختص بها السوق العراقي وهي انتظار حصول حادث سقوط طائرة (لا سامح الله) حتى نعرف من خلال موقف المعيد أن الاتفاقية تغطي النقل الجوي آم لا! على كل حال، المعيد أو الوسيط محق في اختياره لهذا النص الغامض لأنه لا يريد أن يبين محدودية هذه الاتفاقية في التغطية وبشكل واضح.

الملاحظة الثانية: النص القانوني والتناقض في بديهيات المفهوم الفني.

مثال من اتفاقية الهندسي.

النص (1)

(الفترة الزمنية لمسؤولية المعيد تمتد إلى 60 شهر (خمس سنوات) من الممكن تمديدها بموافقة المعيد القائد إلى فترة أطول)

النص (2)

(تحتسب عمولة الأرباح لمرة واحدة ونهائية وبعد سنة واحدة ومن نهاية السنة الاكتتابية 31/12). لا أرغب في التعليق ولكن لو وضعنا هذا النص في أسئلة امتحان طلبة احد معاهد التامين تحت عنوان صحح الخطأ لقال احدهم إن الأسئلة بسيطة.

(تم تغيير هذا النص عام 2010 بحذف جملة "مرة واحدة ونهائية.").

قد يعتبر هذا النص في صالح الشركة المسندة إلا في حالة وجود تعويضات موقوفة قد لا تدفع مستقبلا مما يؤدي إلى ارتفاع الأرباح الحقيقية. وعلى كل حال، فإن المعيد الذي لا ينتبه لمصالحه سوف لن يكون حريصا على مصالح الآخرين في حالة دفع التعويضات. ولم يكلف احد الأطراف نفسه في تحديد تاريخ بدأ احتساب عمولة الأرباح بعد انتهاء السنة الاكتتابية في أعمال البحري والهندسي.

الملاحظة الثالثة: التحكيم Arbitration

وضعت شروط التحكيم كما هو متعارف عليها. ولكن لنلاحظ أن الاتفاقية تفرض علينا وجود طرف واحد فقط لجهة أجنبية معرفة في الاتفاقية أو حسب اختيار المعيد القائد في تسوية التعويضات التي تزيد عن 250 ألف دولار. وسؤالنا: ولكن ما أهمية شرط التحكيم، الذي لا يلجا إليه عادة إلا في التعويضات الكبيرة، إذا كنا غير مشاركين على اقل تقدير في تسوية مثل هذه التعويضات حيث تم إلغاء كلمة الشركة (الشركة المسندة) في النص عام 2010. لذا أدعو إلى إضافة جملة (ويحق للشركة المسندة اللجوء إلى التحكيم في حالة عدم اقتناعها بالتسوية المعروضة من قبل الجهة التي اختارها المعيد القائد) لتقوية موقعنا القانوني والسيادي في الاتفاقية.

الملاحظة الرابعة: عقد التامين وعقد إعادة التأمين ومفهوم تبعية المصير (follow the fortune)

لا توجد علاقة مباشرة بين العقدين ولا يلزم عقد التأمين عقد إعادة التأمين إلا في حالات نادرة. وبشكل عام تحاول الشركة المسندة استخدام مفهوم تبعية المصير حيث يتبع المعيد مصير الشركة المسندة (ويستثنى من ذلك الخطأ في الاكتتاب أو الخسارة المالية). وينهض هنا سؤال: لو أن محكمة عراقية حكمت على إحدى شركات التأمين في السوق العراقي بدفع تعويض يزيد مبلغه عن 250 ألف دولار فهل سيلزم هذا المعيد في إتباع مصير الشركة المسندة مع وجود نص في الاتفاقية يبين أن هذه الاتفاقية خاضعة للقانون البريطاني وتطبيقاته؟
 (Law and Practice: this insurance is subject to English law and practice)

فنحن ملزمون بعبارات مثل مصطلح إلزام (binding) وحق السيادة في القضاء للقضاء الانكليزي ( jurisdiction ) .

وانقل هنا عبارة من كتاب قواعد إعادة التامين لشركة إعادة التأمين السويسرية فيما يخص التحكيم (وتخضع هذه الاتفاقية إلى قواعد قانون البلد الذي تقيم فيه الشركة المسندة). (2)

(otherwise the stipulation of the law of the land in which the reinsured is domiciled shall be applicable to the present treaty)

هذا فيما يخص التحكيم.

وتشير الاتفاقيات القديمة مع الشركة السويسرية لإعادة التأمين إلى إتباع المعيد لمبدأ (أن شروط الاتفاقية تخضع في تطبيقاتها العملية لتحقيق مصالح الشركة المسندة للسوق العراقي والتي تصدر وثائق التامين (عقد التأمين) الذي يخضع لقواعد وقوة وسيادة القانون العراقي والذي يجعل، بالتبعية، التأكيد على أن الاتفاقية مع المعيد (عقد إعادة التأمين) خاضع لمصالح الشركات المسندة من الناحية القانونية.

نتائج وتوصيات أولية:

1- اختيار النص الواضح والصريح والمشاع في اتفاقيات إعادة التامين، ومثلما ما هو متعارف عليه عالميا، ليكون هو السائد في سوق التأمين العراقي.

2- مقارنة عقد التأمين مع عقد إعادة التأمين لمعرفة حجم مسؤولية شركة التأمين المغطاة بهذه الاتفاقية ودراسة إمكانية الاحتفاظ بأقساط الأخطار التي لا يغطيها المعيد. وهذا يتم بتعاون أقسام الاكتتاب مع قسم الإعادة فمعرفة حدود المسؤولية لا يكفي المكتتب دون دراية كاملة بشروط عقد التامين وإعادة التأمين فيما يخص سعة التغطية لكل عقد.

3- إن عقد إعادة التأمين يعتبر باطلا في قبول أي أقساط لأخطار لا تتوفر فيها احتمالية حدوث الخطر، وهذا أمر مفهوم لأن الخطر الذي لا يتوفر فيه عنصر الاحتمال غير قابل للتأمين. وهذا هو أحد الأسس التي يقوم عليه التأمين. ومن هذا المنظور يتعين علينا تحليل الأخطار (من حيث التكرار والشدة) لتعظيم الاحتفاظ. عندها يعتبر حجب أقساط الأخطار المحتفظ بها عن المعيد عملاً قانونياً صحيحاً. ولا نعتقد أن أحداً، ومن ضمنهم المعيد، يعترض على ذلك.

4- لا يمكن تغيير النص القانوني للاتفاقية بمجرد وجود الرغبة بذلك بل يتطلب هذا تطوير السوق العراقي في الاكتتاب وتسوية التعويضات من الناحية الفنية وتأكيد مبدأ حسن النية داخل السوق العراقي، إضافة إلى الاستفادة من التحسن الحاصل في الجانب الأمني والسياسي وقوة البنية التحتية للقضاء والقانون وتأكيد مبدأ السيادة. كل ذلك سيساعد المفاوض على الوصول إلى تحقيق أفضل نص قانوني متوازن يمثل طموح السوق العراقي.

5- تكوين لجنة من المختصين من السوق العراقي لدراسة ومراجعة هذه الاتفاقيات من الناحية القانونية والفنية.

وفي النهاية، فاني أؤكد أن الملاحظات والنتائج والتوصيات التي أوردتها في هذه الدراسة خاضعة للنقاش والتعليق على المعنى القانوني للنص وتفسيره، ولم اقصد منها سوى تحريك هذا السكون السلبي السائد لموضوع مهم وحيوي لسوق التامين العراقي في الحاضر وفي المستقبل. وما أقدمت عليه هو من باب أن "في الحركة بركة." وشكرا مسبقاً لمن سيشارك مع موضوع هذه الدراسة. أرجو ذلك.

مروان هاشم
بغداد
25 آذار 2010

المصادر
1- راجع الطبعة الرابعة من الكتاب، ص 63، الفقرة 222 موضوع الاتفاقيات، وكذلك ترجمة الكتاب للأستاذ الدكتور سليم الوردي من منشورات شركة التامين الوطنية، بغداد، 1987. وهذا المصدر وترجمته متوفران في مكتبة شركة التامين الوطنية.

2- نفس المصدر أعلاه، ص 70، السطر الأول والترجمة العربية للكتاب ص58.