إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/12/28

قطاع التامين والصحافة

مروان هاشم

بعد أن نشرت مدونة مجلة التامين العراقي أكثر من مقال حول الصحافة والتامين كان اخرها "صحفي يكتب ومدير مفوض شركة تامين يعقب" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009.html وبعدها مقال السيد مصباح كمال حول هذا الموضوع http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009_11.html، رأيت من المناسب أن أبين رأيي على ما ورد فيها من مفاهيم وأفكار مع مراجعة للمبادئ والأسس التي تخص الجانب الإعلامي (الصحافة).

هناك أكثر من طرف أوجه إليه هذا المقال. الأول، الصحفي ومعه إدارة التحرير. والثاني، المهتم باستخدام الصحافة كوسيلة لعرض الأفكار أو نقدها أو الترويج لها كما يحدث عادة وبأشكال مختلفة (المقال، العمود الصحفي، الدراسة، اللقاء الصحفي .. الخ)، والطرف الثالث، هو القارئ الذي تصل إليه المعلومة والذي يمثل نفسه أو يمثل جهة وظيفية أو معنوية (وزارة، اتحاد، حزب، اتجاه، تجمع .. الخ). وسأبدأ بمثال السيد الياسري، الصحفي في جريدة الصباح، ثم تعقيب السيد سعدون الربيعي مدير مفوض الشركة الأهلية للتأمين. وسأضع بين قوسين بعض ما نشر عنهم، يليه تعليق صاحب هذا المقال. وأرجو أن تكون هذه المساهمة المتواضعة مفيدة لنا جميعا.

1 التأكد من صحة المعلومة

(ولعل ما يؤكد هذه القضية قيام المستثمر بالبحث عن شركات تأمين لضمان أمواله كأول شرط يفرضه في العقود التي يبرمها مع الدولة).

والصحيح هو أن الدولة هي التي تفرض هذا الشرط وهذا شئ طبيعي لأنه لا يوجد شئ يمنع المستثمر من إجراء التأمين أو الامتناع عنه إلا وجود شرط تعاقدي في عقد العمل يلزمه بذلك. والمشكلة الحاصلة التي نرغب أن تنتبه إليها وزارة المالية، بصفتها ممثلة وراعية لسوق التأمين العراقي، أن 25% من أصحاب العقود تقريبا (المقاولون) يطلبون هذه الخدمة (الحماية التأمينية) بعد انتهاء العقد لغرض الحصول على براءة الذمة من الدولة، وبهذا يفقد العقد التأميني معناه وهدفه وهو التعويض عن احتمال حصول الضرر إذ أن شركة التأمين لن تعوض الضرر الذي لم يجري التأمين عليه مسبقاً وتم تسديد قسط التأمين المناسب عنه. لذا ندعو بهذه المناسبة أن يعمم شرط إجراء عقد الضمان (التأمين) قبل حصول المستثمر على أي سلفة عمل.

2 التأكد من المصطلحات العلمية

(كانت شركة إعادة التامين العراقية تعيد تأمين أصولها لدى الشركات في سنين خلت)


إن أصول شركة إعادة التأمين هي الأصول الثابتة مثل المباني والأراضي التي تمتلكها أو أصول غير ثابتة مثل الأسهم والسندات - حسب ما اعتقد. الأفضل القول إن شركة إعادة التأمين العراقية تعيد تأمين الأصول المؤمنة أو المسندة إليها لان المعنى سيختلف تماما مع إضافة كلمة مؤمنة. وحتى لا نقع في إشكال مع طائفة المحاسبين نقول: تعيد تامين كل أو جزء من الأخطار التي تقبلها أو المسؤوليات التي تتحملها (أي الأخطار المسندة إليها من شركات التأين المباشر) لدى شركات إعادة التأمين العالمية.

3 القارئ يرغب بمزيد من المعرفة والإيضاح وخصوصا لمن يقرأ الملحق الاقتصادي

(لكن هنا في العراق لدينا قطاع تأمين رغم امتلاكه قدرات وكفاءات عراقية فائقة في مجال إدارة المحافظ التأمينية إلا أن أداءه ضعيف)

هذه الجملة في معناها تشبه معنى القول إن الطالب مجتهد لكنه لم ينجح. ألا يستحق القارئ لهذه الجملة أن يعرف، ولو بإيجاز شديد، بيان أسباب هذا التناقض بين امتلاك القدرات والكفاءات وضعف الأداء؛ مثلا، أسباب تعود إلى إستراتيجية الدولة، السياسية الاقتصادية، الوضع الأمني، الكساد الاقتصادي وغيره. فليست كل سلبيات القطاع من صنعه بل لتركة الماضي والبيئة التي يعمل بها تأثيراً حاسماً على مستوى الأداء.

4 المبالغة والابتعاد عن المفاهيم الصحيحة و الواقعية

(اذكر في لقاء صحفي جمعنا مع السيد وزير المالية قبل أكثر من عامين أكد على تفعيل دور شركات التامين لتأخذ دورها في التنمية من خلال توفير موارد للميزانية)

لا اقصد من تعليقي هنا السيد الياسري فهو ناقل للفكرة ولكن هذه الأيام يتكرر كثيرا مصطلح أقساط التأمين وموارد الميزانية. نعم، للتامين دور في التنمية من خلال توفير الحماية أما القول إن زيادة الأقساط ستؤدي إلى زيادة دعم الميزانية قول خاطئ سبق أن تم عرضه في الصحافة عن مسؤولي وزارة المالية ان زيادة الأقساط لا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق هذا الهدف لان هذه الأقساط تقابلها مسؤوليات دفع التعويض وإذا زادت الأقساط، من خلال سياسة اكتتابيه غير صحيحة، فإنها قد تؤدي هذا إلى زيادة نسب الخسائر فتكون النتائج معكوسة على الميزانية. ما يدخل إلى ميزانية الدولة هو حصتها من ربح الشركات المملوكة للدولة. فزيادة الأقساط مع السيطرة على نسب الخسائر والتكاليف هي عملية متكاملة لمن يبحث عن تحقيق هدف هذا الدعم .

والمصدر الآخر هو الضريبة على الدخول ورسم الطابع على أعمال التأمين للقطاع العام والخاص. وأنا هنا اتفق مع السيد مصباح بان عوائد الحالتين لا تعني شيئاً يذكر قياسا إلى العوائد الأخرى. وقد كان المسؤول الذي جمع عوائد التأمين مع عوائد المصارف الحكومية من الذكاء فجاءت نتائج عمليات المصارف الضخمة لتغطي على الأرقام الخجولة لقطاع التامين. وهذا ليس عيبا فليس الهدف الأساسي هو دعم ميزانية الدولة. واعتقد ان عوائد الميزانية من التامين لو تضاعفت عشرة أضعاف ما هي عليه الآن فإنها ستساعد الدولة على دفع تكاليف تبليط طريق لمسافة 10كم في أحسن الأحوال.

أما فيما يخص تعقيب السيد سعدون مشكل خميس الربيعي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009.html أود ان أبين ما يلي على ما جاء في مقاله المنشور في جريدة الصباح والمذكور في هذه المدونة.

5 المعلومة صحيحة ولكن لا تحقق أي هدف

(الاستيرادات للبضائع التجارية والصناعية والأموال الأخرى وتعليمات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي رقم 1 لسنة 2008 المادة (9) وإعادة النظر فيها)

في استبيان قمت به مع 15 موظف بدرجة مدير قسم ومدير فرع فـــــــي قطاع التأمين شاركوا في مؤتمر التأمين (بغداد 28 حزيران 2009) عن التعليمات التي تخص وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي كانت إجابة 80% منهم بعدم المعرفة و20% منهم كانت الإجابة ايجابية لكنها غير متكاملة فكيف يكون الحال مع قارئ لصحيفة يومية يحتاج ولو بشكل موجز شرح هذا التعليمات وتأثيرها على قطاع التأمين .

6 تأثير الإعلام على وعي المتلقي واستعداده الذهني لمعالجة مشاكله

(ان الشركات العامة والخاصة لم تراوح وإنما ستنشط وسترتقي ويكون لها شأنا عربيا وعالميا كما كانت عليه سابقا متى ما توفرت الجدية في إصدار تعليمات لا بل العمل على تعديل قانون تنظيم أعمال التأمين)

أنا متعاطف ومساهم مع كل من يدعو إلى تعديل هذا القانون والتعليمات التي تمس مصالح شركات التأمين العراقية، ولا اشك لوهلة ان هذا هو هدف كاتب المقال. ولكن لماذا هذه العلاقة الشرطية الحكمية بين حدوث التطور وتعديل القوانين والتعليمات. إنها كلمة حق ولكن ألا يوجد الكثير من يريد من كلمة الحق هذه الاختباء وراء هذه المطالبة بالتعديل وإبقائها كشماعة يبرر فيها عجزه وتخلفه في إجراء أي تحسين في الأداء والتطور، لنخلق في وعي المتلقي إمكانية حدوث التغيير مع استعدادنا لمواجهة أي صعوبات. الارتقاء حاصل وبنسب تطور مختلفة في حالة تغيير القوانين أو عدم حصول التغيير وخصوصا ان هذه القوانين موجودة وبشكل مشابه في دول نامية مجاورة استطاعت تحقيق التطور لصناعة التأمين لديها مع التأكيد على ضرورة دعم الدولة لاقتصاد خرج لتوه من تجارب صعبة ومرت عليه أحداث قاسية.

7 عقدة التجميل والنقد كجزء من عملية البناء

(وللحقيقة والحق يقال ان هناك نشاطا اقتصاديا ومهما للسيد وزير المالية)
(أبدى من خلال التوجيهات السديدة نحو نشاط عمل شركات لتأمين في العراق ونشر الوعي التأميني)

هذا موضوع حساس وأرجو عدم التسرع في فهمه فهو لا يخص الكاتب السيد سعدون مشكل بل يخصنا جميعا وإنما جاء مقال السيد سعدون مصادفة ليكون سببا لطرح هذه الفكرة، والكاتب معروف بسعة صدره وشجاعته واجزم بأنه سيفهم موقفي ولو كان الكاتب شخصا آخرا لما تحمست لهذا الرد.

أؤكد مرة أخرى باني اقصد حالة عامة موجودة فينا نتيجة لتراكمات تاريخ طويل من الممارسات ولا زلنا، وأنا في المقدمة، لا استطيع إبعاد هذه العقدة كليا. ان السيد الوزير والذي قضى أكثر من ربع قرن من حياته في المنفى خارج العراق اطلع خلالها على تجارب عملية من الممارسات الديمقراطية تنتقد وبشدة السياسات الاقتصادية التي هي الساحة الأهم لمعترك الحياة لديهم هو الاحوج ويطالب ويؤكد على اتساع المجال لحالة النقد لان النقد هو جزء من عملية البناء.

ان سياسة الدولة الاقتصادية ووزارة المالية والسيد الوزير والمدراء العامون بحاجة إلى النقد الواضح والصريح كجزء من عملية البناء التي تفرضها علينا متطلبات النجاح في تحقيق الأهداف المنشودة لمجتمع متميز عن ما يدور في المنطقة. فمن المؤكد ان توجيهات وزير المالية التونسي والمصري والسعودي وآخرين في دول العالم الثالث هي دائما سديدة في بلادهم لكن المفروض أن العراق شئ آخر وتجربة جديدة تختلف عنهم. ومرة أخرى، نؤكد على عدم نسيان ضرورة المحافظة على ان يجري ذلك في إطار احترام هيبة الدولة ورموزها والقوانين المشرعة. هذه ليست دعوة لأشخاص إنما دعوة عامة جاءت مصادفة مع هذا المقال. ومرة ثانية، عذرا لصاحب المقال فقد يكون ما ورد فيه ضحية إيصال فكرة مهمة وعظيمة. ودمت ودمتم .

مروان هاشم
بغداد
15/12/2009



ليست هناك تعليقات: