إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/12/21


فيما يجب أن يكون عليه الكتاب التأميني الجامعي:

عرض كتاب جامعي عن إدارة الخطر والتأمين


مصباح كمال


فائزة عبدالله علي (إعداد)، إدارة الخطر والتأمين للمرحلة الثانية للعام الدراسي 2007-2008 (بغداد: كلية المنصور الجامعة، قسم العلوم التجارية والمصرفية، د.ت)

ذكر لي صديقي وزميلي منذ ستينات القرن الماضي د. مدحت القريشي، رئيس قسم العلوم التجارية والمصرفية، كلية المنصور الجامعة، بغداد، في رسالة له في آذار 2009 أن هناك مادة مستقلة تدرس في المنصور هي إدارة الخطر والتأمين للمرحلة الثانية من البكالوريوس، وهناك مادة ثانية مستقلة اسمها إدارة المؤسسات المالية والمصرفية وتحتوي على فصلين هما إدارة الخطر في المؤسسات المالية وشركات التأمين. ووعد أن يرسل لي الملزمة التدريسية لمادة إدارة الخطر والتأمين بعد التحدث مع مدرسة الملزمة. وقد استلمتها قبل فترة.

بعد استلامي لهذه الملزمة وقراءتي لها عنّ لي أن أسجل بعض الملاحظات عليها في هذه الورقة القصيرة. آمل أن تكون هذه الملاحظات ذات فائدة عند إعادة طبع الملزمة.

[1]
هذه الملزمة هي بمثابة الكتاب المدرسي، وهي مستنسخة وليست مطبوعة. يرد في صفحة العنوان أن الملزمة قد أعدت للعام الدراسي 2007-2008 إلا أن محتوياتها تُدل على أن نصوصها مستلة من مصادر يعود تاريخها لما يزيد عن ثلاثة عقود خلت. فعلى سبيل المثال، في الفقرات المكرسة لتأمين السيارات وعند الحديث عن المسؤولية المدنية نقرأ أن المسؤولية

"نظراً لكونها مسؤولية قانونية غالباً ما تؤمن ببوليصة منفردة تحدد الدولة شكلها وشروطها بموجب قانون (كالقانون رقم 205 لسنة 1964، قانون التأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات)" [يصعب علينا الإشارة للرقم الصحيح للصفحة إذ يرد النص المقتبس في صفحة تحمل رقم 11 و23 و 44، والرقمين الأخيرين هما بخط اليد]

وهذه المعلومة قديمة إذ أن القانون رقم 52 لسنة 1980، قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات، قد ألغى القانون رقم 205، وحتى قانون 1980 خضع للتعديلات. وفات لذلك على الطالب والقارئ التعرّف على الأساس الذي يقوم عليه القانون الجديد حيث حلّتْ المسؤولية المفترضة بقوة القانون محل مبدأ الخطأ. أي انتفت الحاجة، بفضل القانون الجديد، إلى إثبات الخطأ لقيام المسؤولية.

ونرى لذلك ضرورة لتحديث الكتاب وإعداد نسخة منقحة قبل الإقدام على إعادة طبعه. ونقترح، من بين أمور أخرى، الاهتمام بما يلي لكي يتحسن شكل الكتاب ويسهل استعماله ككتاب مدرسي Textbook عن التأمين.

1. حصر عنوان الكتاب بالتأمين كأن يكون مدخل للتأمين أو مقدمة في التأمين إذ أن معالجة إدارة الخطر في النسخة الحالية ضعيفة وتشغل حيزاً صغيراً من الكتاب وتركز على الجانب التأميني في إدارة الخطر دون الهندسي بالنسبة للمنشآت الصناعية وضوابط وإجراءات السلامة والأمان في غيرها من المنشآت. قد يكون من المفيد تقديم إدارة الخطر كمدخل للتأمين باعتبار التأمين الآلية الأخيرة التي يلجأ لها طالب التأمين من الأفراد والشركات لتحويل عبء الخطر بعد استنفاذ العناصر الأخرى في إدارة الخطر. ونعني بهذه العناصر تشخيص الخطر، تحليله، تقيم كلفته المالية، سبل مواجهته ومعالجته هندسياً، أو تمويله عند تحققه كخسارة أو ضرر من الموارد الذاتية للشركة أو من خلال تكوين صندوق خاص للطوارئ أو تأسيس شركة تأمين مقبوضة أو من خلال تحويل عبء الخطر على عاتق شركة تأمين تجارية لقاء قسط معلوم يمكن احتسابه أو تقديره وإدراجه في ميزانية الشركة. (أنظر: نيل كروكفورد، مدخل إلى إدارة الخطر (طرابلس: شركة ليبيا للتأمين، ط1 1990، ط2 2007)، ترجمة: تيسير التريكي ومصباح كمال).


2. كتابة مدخل للكتاب من قبل المُعد أو تكليف شخص آخر ملم بموضوع الكتاب لتقديمه للقارئة والقارئ.


3. جدول تفصيلي بالمحتويات لتسهيل رجوع القارئة أو القارئ إلى المطلوب.


4. توثيق المصادر العربية والإنجليزية بشكل أفضل ضمن القواعد المعروفة. (أنظر: فؤاد إسحق الخوري و سونيا جلبوط الخوري: قواعد ابن اسحق للتأليف والتصحيح والنشر (بيروت: دار الساقي، 1996).).


5. توحيد طقم الحروف إن كانت النية منصبة على إعادة الطبع للاستنساخ.


6. وضع تاريخ النشر وتفاصيل الجهة الناشرة وحقوق الطبع والنشر.


7. إعداد مسرد ألفبائي للمصطلحات الإنجليزية وما يقابلها باللغة العربية لفائدة من لا يلم إلماماً كافياً باللغة الإنجليزية.


8. عرض النسخة المعدلة على مصحح لغوي لرصد الأخطاء اللغوية وتعديلها.

[2]
سنختار فيما يلي بعض المقاطع من الكتاب للتعليق عليها. وسنتجنب ذكر الأخطاء الطباعية واللغوية. بسبب عدم انتظام ترقيم صفحات الكتاب واجهتنا صعوبة في الإشارة إلى بعض ما انتقيناه من فقرات ومواضيع للتعليق.

يرد في ص 3 تحت عنوان ثانوي، أخطار مؤكدة الوقوع، ما يلي:

"وهي التي يكون احتمال تحققها [أي مؤكدة الوقوع وتنتفي عنها صفة الاحتمالية وعدم اليقين بها] مثل الفيضانات في المناطق الاستوائية وكذلك خطر الوفاة وهذه أخطار لا يمكن التأمين عليها."

كان من المناسب تكييف هذه العبارة بما يفيد أن العلم بوقت الوفاة غير معروف ولذلك فإن خطر الوفاة، أي النتائج المالية المترتبة على وفاة المؤمن عليه أو عليها، يصبح قابلاً للتأمين.

رغم أن إدارة التأمين والخطر هو عنوان الكتاب، لا يرد في الكتاب سوى إشارة واهية (الصفحة ما قبل ص 7) لعدم استحداث إدارة للخطر في الشركات والمؤسسات العراقية لأن الإقدام عليه يواجه معوقات عديدة. المعوقات الخمسة المذكورة ( فشل الإدارات العليا في إدراك وفهم الخطر، مقاومة الإدارات الأخرى لفكرة إنشاء إدارة مستقلة للخطر، مقاومة التغير، اعتبار مدير الخطر رقيباً للإدارة العليا، ونقص الكوادر المؤهلة) تنطبق على العراق لكنها لم تأتي نتيجة لدراسة ميدانية بل هي مستلة أو مترجمة من كتب عن إدارة الخطر. ومن رأينا أن الموضوع يستحق اهتماماً أكبر وشرحاً موسعاً.

افتراض الخطر كترجمة لـ Assumption of Risk (ص 7) ترجمة حرفية لا تنقل المعنى المراد – أي تحمّل نتائج الخطر أو الاحتفاظ به، بلغة التأمين، من قبل الفرد أو المؤسسة. (هناك أخطاء طباعية في المصطلحات الإنجليزية تحتاج إلى تصحيح)

التأمين ضد السرقة ص 8-9. يرد تحت هذا العنوان الثانوي تعريف للسرقة "حيازة ممتلكات [ا]لاخرين دون رضاهم ودون حق، وأخذ أموال الغير منهم، يعني إخراجها من حيازتهم سواء باستعمال القوة أو بدونها ..." ثم يأتي ذكر لمسببات السرقة وكونها (أ) بيئية و (ب) اقتصادية. ويتوقف الشرح هنا بحيث لا يعرف القارئ ما هي المسببات البيئية (أهي اجتماعية أو طبيعية؟) وما هي المسببات الاقتصادية. هذا العرض لا يستقيم مع متطلبات كتاب مدرسي قائم بذاته يفترض فيه توفير شرح أولي للمفاهيم.

عند الانتهاء من ذكر أضرار السرقة (في الأرواح [ربما يقصد بها الأضرار النفسية] والأجسام، الأضرار المادية والأضرار الاجتماعية) نقرأ: "وأيا كانت السرقة ونوعها فإنها حرام وقد حرمتها الأديان ونبذتها القيم والأعراف" ولكن دون أن يأتي ذكر للسرقة كفعل جرمي يعاقب عليه القانون.

تاريخ التأمين في العراق أختزل في صفحة واحدة (ص 11) وهو يستحق معالجة أوسع من خلال الإشارة إلى التشريعات المنظمة للنشاط التأميني منذ صدور القانون التجاري العثماني لسنة 1904 وملحقه قانون التأمين (السيكورته أو السيكورتاه) مروراً بقانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 وبعده قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960 وانتهاءً بأحدث قانون صاغته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ونعني به قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. وكذلك الإشارة إلى العلاقة بين تطور الاقتصاد العراقي والتأمين رغم أن هذه العلاقة لم تحضى بالعناية من المؤرخين الأكاديميين أو من العاملين في قطاع التأمين العراقي. (حاولنا رسم بعض ملامح الخلفية التاريخية في مقالتين لنا: مصباح كمال، "إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأميني في العراق،" الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 331، 2009، ص 44-52. نشرت أيضاً في المدونة الإلكترونية مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/09/331-2009-44-52.html
مصباح كمال، "مقاربة لتاريخ التأمين في العراق: ملاحظات أولية،" الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 328، 2008، ص67-76. نشرت أيضاً في المدونة الإلكترونية مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/04/328-2008-67-76.html).

يرد في المبحث السادس، معوقات تسويق التأمين (ص12-14)، عرضاً لأحد عشر معوقاً ومنها: أن التأمين خدمة غير ملموسة، الطبيعة المستقبلية للوعد بالتعويض، تخلف الوعي التأميني، ارتباط منفعة التأمين بالحوادث السلبية، تعقد نصوص وثائق التأمين، ضعف سياسات التسويق لدى شركات التأمين وغيرها. ولنا ملاحظتان على هذا العرض. أولاً، يفترض الكاتب أو الكاتبة أن الناس لهم القدرة المالية لشراء الحماية التأمينية (الطلب الفعّال على الحماية التأمينية) وهو افتراض مشكوك في صحته بالنسبة للعراق. كما أنه يحتاج إلى استقصاء لبيان العلاقة بين الدخل القابل للإنفاق لدى الأفراد ومدى كفايته لتكريس جزء منه لشراء التأمين. وثانياً، لم يأتي أي ذكر لأثر العامل الديني على موقف الأفراد من التأمين، ووجود بدائل تقليدية للحماية التأمينية ومنها التعاضد الأسري، وصندوق العشيرة، والتضامن في الملمات وحوادث الطبيعة.

نقرأ في منتصف صفحة 12، وقبل الفقرة عن تأمين الطيران (أرقام الصفحات مضللة لأن الكتاب عبارة عن تجميع مصور لصفحات من مصادر مختلفة غير مذكورة)، بضعة سطور عن "تأمين الأعمال الهندسية" دون وضع عنوان لها. ويرد في هذه السطور أن

"تأمين كافة الأخطار الذي يضمن تعويض كافة الأضرار التي تصيب المشروع منذ البدء لحين انتهاء فترة الصيانة أو التجربة وهو النوع الذي تطلبه الحكومة العراقية من كل مقاول يتعاقد معها."

هذا الوصف ينطبق على الوضع الذي كان سائداً قبل 2003 فالطلب على وثيقة تأمين كافة الأخطار وما يماثلها هو من مستلزمات تنفيذ المشاريع الهندسية بغض النظر عن ملكية هذه المشاريع. هذه السطور بحاجة إلى تحديث وتوسيع في الشرح ليضم التأمين على المسؤولية تجاه الطرف الثالث والتي تنشأ أثناء تنفيذ المشروع. وكذلك الإشارة إلى الأنواع المختلفة لعقود الإنشاء ومنها عقود الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (الفيديك FIDIC International Federation of Consulting Engineers)

ومن المناسب أن تدرج هذه السطور تحت عنوان التأمين الهندسي ص 14. (يرد تحت عنوان التأمين الهندسي تأمين المراجل وتأمين المكائن وتأمين المنشآت والمعدات الكهربائية في حين أن المعهود في سوق التأمين العراقي أن يشمل التأمين الهندسي تأمين جميع أخطار المقاولين/ تأمين جميع أخطار النصب، تأمين عطب المكائن، تأمين المراجل، وتأمين تلف المخزون في خزائن التبريد. التأمين الهندسي بالمعنى الذي ورد في الكتاب خاص بسوق التأمين في بريطانيا (سوق لندن للتأمين).)

لم نفهم لماذا يجمع الفصل السابع (ص 29) بين تأمين المسؤولية المدنية وإعادة التأمين ليعطي انطباعاً خاطئاً عن الجمع وكأن هذا الفصل مكرس لهذه الفرعين والعلاقة بينهما وهو ليس كذلك. كان من الأفضل تكريس فصل مستقل لكل فرع.

[3]
الكتاب المدرسي نص تعليمي، وهو دليل أساسي للطالب للتعرف على موضوعه، وفيه ما يكفي من معلومات تفصيلية إن لم نقل شاملة، وتحفيز للتوسع في معرفة الموضوع ومتابعة جوانبه المختلفة، مع الإشارة إلى المراجع. ولنا في كتب د. مدحت القريشي مثالاً جيداً لما يجب أن يكون عليه الكتاب المدرسي حيث يعرض الكاتب النظريات والأفكار المتضاربة بحيادية لتمكين القارئ من تكوين رأي خاص به ويشجعه على التفكير النقدي (أنظر على سبيل المثال: د. مدحت القريشي، تطور الفكر الاقتصادي (عمان: دار وائل للنشر، ط1، 2008) وكذلك كتابه: التنمية الاقتصادية (عمان: دار وائل للنشر، ط1 2007)).

ولذلك نتمنى أن يعاد إعداد الكتاب ليتحول إلى كتاب مدرسي بحق خاصة وأنه يغطي أساسيات التأمين. وبعدها يترك للتدريسي أن يستخدمه في العملية التعليمية من خلال التوجيه والشرح والتوضيح وإثارة النقاش. وبالطبع يختلف منهج الاستفادة من الكتاب المدرسي من تدريسي إلى آخر.

لقد انصبت ملاحظاتنا على التقاط سلبيات الكتاب، وجلها شكلية، يمكن تخطيها بسهولة في طبعة لاحقة للكتاب.



مصباح كمال
لندن 24 تشرين الثاني 2009







ليست هناك تعليقات: